حلمهم ، وقد قال الله تعالى : (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً)](١).
قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى) (١١٦) ؛ قد تقدّم تفسيره. قوله تعالى : (فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ ؛) أي لك ولامرأتك ، فلا تميلا إليه ، ولا تعيلا منه ، (فَلا يُخْرِجَنَّكُما ؛) أي فيكون ذلك سبب خروجكما ، (مِنَ الْجَنَّةِ ؛) إلى شدائد الدنيا وجوعها وعطشها وفقرها وتعبها في طلب المعاش ، وهذا معنى قوله : (فَتَشْقى) (١١٧) ؛ أي تتعب بالأكل من كدّ يدك ، وما تكسبه لنفسك ، والمعنى : إنّ عيشك لا يكون إلّا من كدّ يمينك وعرق جبينك. قال سعيد بن جبير : (أهبط الله إلى آدم ثورين ، فكان يحرث عليهما ، ويمسح العرق عن جبينه) (٢) فهو شقاؤه الذي قال الله تعالى ، وكان من حقّه أن يقول : فيشقيا أو تشقى أنت وزوجك ، لكن غلّب المذكّر ؛ لأن تعبه أكثر ، وقيل : لأجل رؤوس الآي.
قوله تعالى : (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى) (١١٨) ؛ أي إنّك ما دمت مقيما في الجنّة على طاعة الله فلا تجوع فيه ولا تعرى ؛ أي لكثرة أثمارها وأثوابها ونعيمها ، (وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها ؛) أي لا تعطش ، (وَلا تَضْحى) (١١٩) ؛ أي ولا تبرز إلى الشّمس ؛ لأنه ليس في الجنّة شمس ، إنّما هو ظلّ ممدود. وقرئ : (وإنّك لا تظمأ) بكسر الهمزة عطفا على (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ) ، وقرئ بالنصب عطفا على (أن لا تجوع).
قوله تعالى : (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ ؛) أي وسوس له ليأكل من الشجرة ف (قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ ؛) أي على شجرة من أكل منها خلّد ولم يمت ، (وَمُلْكٍ لا يَبْلى) (١٢٠) ؛ ويبقى في ملك لا يبلى ولا يفنى.
__________________
(١) ذكره السيوطي في الدر المنثور موقوفا على محمّد بن كعب : ج ٥ ص ٦٠٤ ؛ وقال : (أخرجه ابن المنذر). وذكره ابن عادل الحنبلي في اللباب في علوم الكتاب موقوفا على أبي أمامة الباهلي : ج ١٣ ص ٤٠٢.
(٢) في الدر المنثور : ج ٥ ص ٦٠٥ ؛ قال السيوطي : (أخرجه عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر).