الشاعر :
وكلّ أخ مفارقه أخوه (١) |
|
لعمرو أبيك إلّا الفرقدان |
قوله تعالى : (فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) (٢٢) ؛ أي تنزيها عمّا يقولون عليه من الولد والشّريك ، (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ؛) أي لا يسأل عن أفعاله وقضائه في خلقه من إعزاز وإذلال ، وهداية وإضلال ، وإسعاد وإشقاء ؛ لأنه الربّ مالك الخلق. قوله تعالى : (وَهُمْ يُسْئَلُونَ) (٢٣) ؛ أي يقال لهم يوم القيامة : لم فعلتم كذا؟ لأنّهم عبيد يجب عليهم امتثال أمر مولاهم ، والله سبحانه وتعالى ليس فوقه أحد يقول له لشيء فعله لم فعلته.
قوله تعالى : (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً ؛) هذا إنكار عليهم وتوبيخ ، (قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ ؛) أي حجّتكم بأن رسولا من رسل الله أنبأ أمّته بأن لهم إلها غير الله.
قوله تعالى : (هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي ؛) معناه : هذا القرآن فيه ذكر من معي لما يلزمهم من الحلال والحرام والخطأ والصّواب. وقيل : خبر من معي على ديني بما لهم من الثواب والعقاب ، وذكر من قبلي من الأمم من نجا منهم بالإيمان ، وأهلك بالشّرك. وقيل : معناه : هذا القرآن الذي هو ذكر من معي ، والتوراة والإنجيل هما ذكر من قبلي ، هل في جميع ذلك غير توحيد الله تعالى؟
والمعنى : هذا القرآن وهذه الكتب التي أنزلت من قبلي ، فانظروا هل في واحد منهم أن الله أمر باتخاذ آلهة سواه (٢)؟ قوله تعالى : (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ) (٢٤) ؛ عن النظر في دلائل الله مقصّرين على جهلهم وتقليدهم.
__________________
ـ ينظر : شرح المفصل لابن الحاجب : ج ١ ص ٣٦٩ ـ ٣٧٠.
(١) البيت لعمرو بن معدكرب ، وقد تقدم. وفي المخطوط ذكر الصدر منه فقط ، والشاهد يقتضي ذكر البيت كاملا. والمعنى : الفرقدان : نجمان قريبان من القطب لا يفترقان ، يقول : كلّ أخوين غير الفرقدين لا بد أن يفترقا بسفر أو موت.
(٢) في المخطوط : (هل في واحد منهم أمر أنّ الله يتّخذ إله سواه) وهي عبارة مربكة ، ويبدو أن فيه تحريف من الناسخ ، واخترنا عبارة القرطبي فهي أقرب لأسلوب المصنف رحمهالله.