بعض ، ثمّ خلق ريحا وسطهما ، ففتحمها بها).
وقال مجاهد : (كانت السّموات طبقة واحدة ففتقها ، فجعلها سبع سموات ، وكانت الأرضون مرتفعة طبقة واحدة ففتقها الله تعالى ، فجعلها سبع أرضين) ، وقال عكرمة : (كانت السّماء رتقا لا تمطر ، والأرض رتقا لا تنبت ، ففتق السّماء بالمطر ، والأرض بالنّبات) (١).
وأصل الرّتق السّدّ ، ومنه قيل للمرأة التي فرجها ملتحم : رتقاء (٢). وأصل الفتق الفتح ، وذلك أنّ السموات والأرض كانتا مستويتين لا فتق فيهما لخروج الزّرع ونزول الغيث ، ففتقت السّماء بالمطر ، والأرض بالنبات.
قوله تعالى : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ؛) أي أحيينا بالمطر والنبات كلّ ما على الأرض من حيوان ، يعني أنه سبب كلّ شيء. وقال بعضهم : يعني أنّ كل شيء حيّ فهو مخلوق من الماء لقوله تعالى (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ)(٣).
قال أبو العالية : (يعني النّطفة) (٤) ، فعلى هذا لا يتعلق هذا بما قبله ، وهو احتجاج على المشركين بقدرة الله تعالى ، (أَفَلا يُؤْمِنُونَ) (٣٠) ؛ أي أفلا يصدّقون بالإله الذي فعل ذلك ؛ ليعلموا أنه الإله دون غيره. وإنّما قال (رَتْقاً) ولم يقل رتقين ؛ لأن الرّتق مصدر. المعنى : كانتا ذوي رتق فجعلناهما ذواتي فتق.
قوله تعالى : (وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ ؛) أي جعلنا فيها جبالا أوتادا فهي راسية كي لا تميد بهم الأرض ، والميد : الاضطراب بالذهاب في الجهات ، قال ابن عبّاس : (إنّ الأرض بسطت على وجه الماء ، فكانت تميد بأهلها كما تميد السّفينة ، فأرساها الله بالجبال الثّقال).
__________________
(١) ينظر : جامع البيان : ج ١٠ ص ٢٦.
(٢) الرّتق : ضدّ الفتق ، قال ابن عرفة : (أي كانتا مصمتتين لا فرجة بينهما). نقله الهروي في كتاب الغريبين : ج ٣ ص ٧١٢.
(٣) النور / ٤٥.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير : الأثر (١٣٦٤٣).