قالت عائشة : (استأذن أبو بكر رضي الله عنه على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقد مات وأسجي عليه الثّوب ، فكشف عن وجهه ووضع فمه بين عينيه ووضع يديه على صدغيه وقال : وا نبيّاه ؛ وا خليلاه ؛ وا صفيّاه ، صدق الله ورسوله (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ ، كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ)(١).
قوله تعالى : (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ؛) أي نبلوكم بالشدّة والرّخاء ؛ والمرض والعافية ؛ والفقر والغنى ، كلاهما ابتلاء من الله ، وتشديد في التّعبّد ؛ ليظهر شكرهم فيما يحبّون ، وصبرهم فيما يكرهون (وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ) (٣٥) ؛ للجزاء.
قوله تعالى : (وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً ؛) روي أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم مرّ بأبي سفيان وأبي جهل ، فقال أبو جهل لأبي سفيان : هذا نبيّ بني عبد مناف ، كالمستهزئ ، فنزلت هذه الآية ، ومعناها : وإذا رآك الّذين كفروا إن يتّخذونك إلّا هزوا ، يستهزؤن بك (٢).
وقوله تعالى : (أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ ؛) أي يقول بعضهم لبعض : أهذا الذي يعيب آلهتكم ويلومكم على عبادتها ، تقول العرب : فلان يذكر الناس ؛ أي يغتابهم ويعيبهم ، وفلان يذكر الله ؛ أي يصفه بالعظمة ويثني عليه ، فيحذفون من الذّكر ما يعقل معناه ، فيكون معنى قوله : (يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ) أي يذكر آلهتكم بسوء. قوله تعالى : (وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ) (٣٦) ؛ أي يجحدون الألوهيّة ممن هو منعم عليهم ، المحيي المميت ، وهذا في نهاية جهلهم.
قوله تعالى : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ ؛) أي خلق الله الإنسان من عجل مشتهيا للعجلة فيها هواه ، ولذلك تستعجل أهل مكة الوعد والوعيد ، يقال : فلان خلق من كذا ؛ أي أكثر ذلك الشيء كما يقال : خلق فلان من اللعب واللهو ، والإنسان اسم جنس.
__________________
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير : الأثر (١٣٦٥٣).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير : الحديث (١٣٦٥٥٠).