وهو ابن عامر فهو على الاستئناف والقطع عما قبله (١).
قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٧٠) ؛ قال ابن عباس : (نزلت هذه الآية بمكّة ، وكان المشركون قالوا : ما يغني عنّا الإسلام وقد عدلنا بالله وقتلنا النّفس الّتي حرّم الله وأتينا الفواحش ، فنزلت هذه الآية).
ومعناها : إلّا من تاب عن الكفر والمعصية وآمن بالله وعمل عملا صالحا بعد الإيمان والتوبة ، فأولئك يمحو الله سيّئاتهم بالتوبة ويثبت لهم مكانها حسنات ، وهذا هو معنى التّبديل ، لا تصير السّيئة بعينها حسنة.
وعن ابن عباس أنه قال : (قرأنا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً ، يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ) الآية ثمّ نزل قوله تعالى (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً) الآية ، فما رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فرح بشيء مثل فرحه بها وبقوله (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً)(٢)) (٣).
قال قتادة : (ومعناها : إلّا من تاب من ذنبه وآمن بربه وعمل عملا صالحا فيما بينه وبين ربه) (٤). وقال أيضا في معنى قوله (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) : (التّبديل في الدّنيا طاعته بعد عصيانه ، وذكر الله بعد نسيانه). وقال الحسن : (أبدلهم الله بالعمل إلى العمل الصّالح بالشّرك إخلاصا وإسلاما ، وبالفجور إحصانا ، وبقتل المؤمنين قتل المشركين) (٥).
__________________
(١) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٣ ص ٧٦ ؛ قال القرطبي : (قرأ نافع وابن عامر وحمزة والكسائي : يضاعف ، ويخلد ، جزما) وهو كما قال المصنف رحمهالله. وقال القرطبي : (وقرأ عاصم في رواية أبي بكر : يضاعف ، ويخلد بالرفع فيهما على العطف والاستئناف).
(٢) الفتح / ١.
(٣) في الدر المنثور : ج ٦ ص ٢٧٩ ؛ قال السيوطي : (أخرجه ابن المنذر والطبراني وابن مردويه).
(٤) في الدر المنثور : ج ٦ ص ٢٨٠ ؛ قال السيوطي : (أخرجه عبد بن حميد).
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير : الأثر (١٥٤٣٣).