الْغالِبِينَ) (٤٠) ؛ لموسى ، ويقال : أرادوا بالسّحرة موسى وهارون (إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِينَ) على سحرهم.
قوله تعالى : (فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالُوا لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنا لَأَجْراً ؛) أي جعلا ، (إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ) (٤١) ؛ لموسى. (قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ ؛) مع ما أعطيتكم من الأموال ، (إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) (٤٢) ؛ في المرتبة والمنزلة وللدخول عليّ.
قوله تعالى : (قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ) (٤٣) ؛ أي اطرحوا من أيديكم ما تريدون طرحه من الحبال والعصيّ ، وهذا أمر تهديد لا أمر تحقيق ، (فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ ؛) أي بمنعته ، (إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ) (٤٤) ؛ لموسى ، فامتلأ الوادي حيّات ، فهابه ذلك ، فقيل لموسى : ألق عصاك ، (فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ) (٤٥) ؛ فألقاها فصارت حيّة عظيمة تلقف ما صنعوا من السّحر ، ثم أخذها موسى فعادت عصا كما كانت ، ولو لم يوجد لما تلقفه أثر.
قوله تعالى : (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ) (٤٦) ؛ فسجدت السّحرة عند ذلك لله تعالى لما علموا أن ذلك ليس بسحر ، وإنّما هو من عند الله ، و (قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٤٧) ؛ قال لهم فرعون : إيّاي تعنون؟ قالوا : (رَبِّ مُوسى وَهارُونَ (٤٨ قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ؛) أي صدّقتم به قبل أن آمركم بذلك ، (إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ) (٤٩) ، وكان فرعون أوّل من قطع وصلب. قال ابن عبّاس : (إنّهم من سرعة سجودهم لله كأنّهم ألقوا).
قوله تعالى : (قالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ) (٥٠) ؛ أي قالت السّحرة : لا يضرّنا ما تصنع بنا في الدّنيا في جنب ثواب الله في الآخرة ، إنّا إذا رجعنا إلى ربنا مؤمنين لنأخذ حقّنا من الظالم ، (إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا ؛) شركنا أي يتجاوز تأخّرنا ، (أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ) (٥١) ؛ أي بأن كنّا أوّل المؤمنين لموسى من أهل الجمع اليوم ، فكانوا سحرة في أوّل النهار شهداء في آخره.