(كَذلِكَ ؛) فعلنا بهم ، (وَأَوْرَثْناها ؛) وأورثنا أرضهم وديارهم وأموالهم ، (بَنِي إِسْرائِيلَ) (٥٩) ؛ وذلك أنّ الله ردّ بني إسرائيل إلى مصر بعدما أغرق فرعون وقومه ، وأعطاهم جميع ما كان لفرعون من الأموال والعقار والمساكن.
قوله تعالى : (فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ) (٦٠) ؛ يعني قوم فرعون أدركوا موسى وقومه حين أشرقت الشمس. قوله تعالى : (فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) (٦١) ؛ أي فلمّا توافى الفريقان ، وتقابلا بحيث يرى كلّ فريق صاحبه ، وعاين بعضهم بعضا ، قال أصحاب موسى : سيدركنا قوم فرعون ، ولا طاقة لنا بهم! (قالَ) لهم موسى : (كَلَّا ؛) أي لن يدركنا ، ارتدعوا وانزجروا عن هذه المقالة ، (إِنَّ مَعِي رَبِّي ؛) ناصري وحافظي ، (سَيَهْدِينِ) (٦٢) ؛ إلى طريق النّجاة منهم.
قوله تعالى : (فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ ؛) فصار اثنا عشر طريقا ، لكلّ سبط طريق ، ووقف الماء لا يجري ، وكان بين كلّ طريقين قطعة من الماء ، (فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) (٦٣) ؛ كالجبل العظيم ، وهذا البحر بحر القلزم ، تسلك الناس فيه من اليمن ومكّة إلى مصر.
قوله تعالى : (وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ) (٦٤) ؛ يعني قوم فرعون ؛ أي قرّبناهم إلى الهلاك ، وقذفناهم في البحر ، وأدنينا بعضهم من بعض ، وجمعناهم فيه بما يسرّنا لبني إسرائيل من سلوك البحر ، فكان ذلك سبب قربهم من البحر حين اقتحموه. وسمّي (المزدلفة) مزدلفة لاجتماع الناس فيها (١) ، فلمّا تكامل جنود فرعون في البحر انطبق عليهم فغرقوا جميعا ، (وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ) (٦٥) ؛ من الغرق ، (ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) (٦٦) ؛ أي فرعون وقومه.
__________________
(١) في معاني القرآن وإعرابه : ج ٤ ص ٧٢ ؛ قال الزجّاج : (وقال أبو عبيدة : أَزْلَفْنا : جمعنا ثَمَّ الْآخَرِينَ ، قال : ومن ذلك سمّيت مزدلفة جمعا).