قوله تعالى : (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ ؛) أي قل نزّل القرآن جبريل من ربك ، (بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا ؛) ويقوّيهم لإيمانهم ؛ ليزدادوا تصديقا ويقينا ، (وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) (١٠٢).
قوله تعالى : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ؛) قال ابن عبّاس : (وذلك أنّ كفّار مكّة كانوا يقولون : إنّ القرآن ليس من عند الله ، وإنّما يعلّم النّبيّ بشر ، أرادوا بذلك جبرا ويسارا كانا عالمين نصرانيّين ، وكان صلىاللهعليهوسلم يحدّثهما ويعلّمهما ، وكانا يقرءآن كتابهما بالعربيّة ، وكانا قد أسلما) (١). وقيل : كانوا يعنون بقولهم (بَشَرٌ) : سلمان الفارسيّ.
قوله تعالى : (لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ ؛) أي لسان الذي يميلون إليه ويزعمون أنّه يعلّمك أعجميّ ، (وَهذا ؛) القرآن الذي يقرءونه ، (لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) (١٠٣) ؛ فكيف يقدر الأعجميّ على تعليم مثله. قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ لا يَهْدِيهِمُ اللهُ ؛) إلى ثوابه ، (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (١٠٤) ؛ وجيع في الآخرة.
قوله تعالى : (إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ) (١٠٥) ؛ معناه : إنما يكذب على الله من لا يؤمن بدلائله ، بيّن الله أن الذين نسبوه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم من الافتراء هم أحقّ به.
وقوله تعالى : (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ؛) يجوز أن يكون من كفر رفعا على البدل من (الكاذبين) ، ويجوز أن يكون كلاما مبتدأ ، وقوله تعالى (فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ) خبر له أو خبر لقوله (وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً). والمراد بقوله (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ) : عمّار بن ياسر.
روي : أنّ المشركين أخذوه في طريق مكّة ، فعذبوه حتّى سبّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وذكر آلهتهم بخير ، فلمّا فعل ذلك تركوه ، فأتى النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وهو يمسح الدّموع من عينيه ،
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٦٥٥٢ ـ ١٦٥٥٧).