موسى بالمعجزات فتعظّموا عن الإيمان به ، (وَما كانُوا سابِقِينَ) (٣٩) ؛ أي لم يكونوا فائتين من عذاب الله.
قوله تعالى : (فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ ؛) أي كلّ هؤلاء القوم الذين ذكرناهم عاقبناهم بذنوبهم ، (فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً ؛) يعني الحجارة وهم قوم لوط ، وقيل : الحاصب الرّيح التي تأتي بالحصباء ، وهي الحصى الصّغار ، (وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ ؛) وهم قوم صالح وشعيب ، (وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ ؛) يعني قارون وأصحابه ، (وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا ؛) يعني قوم نوح وفرعون ، (وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ ؛) بإهلاكه إيّاهم ، (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (٤٠) ؛ بالكفر والمعاصي.
قوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ ؛) يعني الأصنام يتّخذونها أولياء يرجون نصرها ونفعها ، (كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً) ، وبيتها لا يغنيها عن الحرّ والبرد والمطر ، كذلك آلهتهم لا ترزقهم شيئا ، ولا تملك لهم ضرّا ولا نفعا.
قوله تعالى : (وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ) أي لا بيت أضعف منه مما يتّخذه الهوام ، (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) (٤١) ؛ إنّ اتّخاذهم الأولياء سوى الله كاتّخاذ العنكبوت بيتا في قلّة النفع ما اتّخذوهم أولياء.
وقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ؛) قرأ أبو عمرو (يَدْعُونَ) بالياء لذكر الأمم قبلها ، وقرأ الباقون بالتاء ، ومعنى الآية : أنه عالم بما عبدتموه من دونه فهو يجازيكم على كفركم ، (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٤٢).
وقوله تعالى : (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ ؛) يعني أمثال القرآن ، (نَضْرِبُها) ، نبيّنها ، (لِلنَّاسِ). قال مقاتل : (يعني لكفّار مكّة) (١)(وَما يَعْقِلُها ؛) الأمثال ، (إِلَّا الْعالِمُونَ) (٤٢) ؛ أي العلماء.
__________________
(١) قاله مقاتل في التفسير : ج ٢ ص ٥٢٠.