قالت الحكماء : ذكر الله للعبد أكبر من ذكر العبد لله ؛ لأنّ ذكر الله للعبد على حدّ الاستغناء ، وذكر العبد إياه على حدّ الافتقار ، ولأنّ ذكر العبد بجرّ نفع أو دفع ضرّ ، وذكر الله للعبد للفضل والكرم ، ولأنّ ذكر العبد مخلوق ، وذكر الله غير مخلوق.
وقال صلىاللهعليهوسلم في قوله تعالى (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) : [أي ذكر الله على كلّ حال أحسن وأفضل ، والذّكر أن تذكره عند ما حرّم ، فتدع ما حرّم ، وعند ما أحلّ فتأخذ ما أحلّ](١). وقال صلىاللهعليهوسلم : [من أحبّ أن يرتع في رياض الجنّة فليكثر من ذكر الله عزوجل](٢).
وقال أبو الدّرداء رضي الله عنه : (ألا أخبركم بخير أعمالكم وأحبها إلى مليككم وأتمّها في درجاتكم ، وخير لكم من أن تغزوا عدوّكم فتضربوا رقابهم ، وخير لكم من إعطاء الدّنانير والدّراهم؟) قالوا : وما هو؟! قال : (ذكر الله عزوجل ؛ قال الله تعالى : (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ)(٣).
وقال معاد بن جبل : سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أيّ الأعمال أحبّ إلى الله تعالى؟ قال : [أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله عزوجل](٤). وقال صلىاللهعليهوسلم : [ما من قوم جلسوا في مجلس يذكرون الله فيه ؛ إلّا حفّت بهم الملائكة ؛ وغشيتهم الرّحمة ؛ وذكرهم الله فيمن عنده](٥).
__________________
(١) لم أجده.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف : ج ٦ ص ٥٩ : الحديث (٢٩٤٤٨) عن معاذ بن جبل ، وفي ج ٧ ص ١٨٠ : الحديث (٣٥٠٤٩) أيضا.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (٢١١٦٧) عن أبي الدرداء.
(٤) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ج ٢٠ ص ٩٣ : الحديث (١٨١) ، وص ١٠٧ : الحديث (٢١٢) ، وص ١٠٨ : الحديث (٢١٣). وفي مجمع الزوائد : ج ١٠ ص ٧٤ ؛ قال الهيثمي : (رواه الطبراني بأسانيد ، وفي بعضها خالد بن يزيد ، ضعفه جماعة ، ووثقه أبو زرعة وغيره ، وبقية رجاله ثقات).
(٥) ذكره الغزالي في إحياء علوم الدين ، وهو في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين في الرقم (٨٧٣) بلفظه ، وقال العراقي : (رواه مسلم من حديث أبي هريرة) ولفظه عند مسلم : [ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم ، إلّا نزلت عليهم السّكينة وغشيتهم الرّحمة وحفّتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده].