وروي أنّ رجلا أعتق أربع رقاب ، وآخر قال : سبحان الله ؛ والحمد لله ؛ ولا إله إلّا الله ؛ والله أكبر ، ثم إنّ الذي لم يعتق سأل حبيب (١) سرّا وفي أصحابه فقال : ما تقولون فيمن أعتق أربع رقاب وأنا قلت : سبحان الله ؛ والحمد لله ؛ ولا إله إلّا الله ؛ والله أكبر ، فأيّهما أفضل؟ فنظروا هنيهة وقالوا : ما نعلم شيئا أفضل من ذكر الله.
قوله تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ) (٤٥) ؛ أي ما تعملون من الخير والشرّ ، لا يخفى عليه شيء.
قوله تعالى : (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ؛) أي لا تخاصموا أهل الكتاب إلّا بالطريقة التي هي أحسن ، وهي أن تعظوهم بالقرآن على وجه النّصح لهم والاستمالة إلى دين الإسلام وتعظيم الله تعالى وطلب ثوابه ، (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ؛) أي إلّا من ظلم من أهل الكتاب فمنع الجزية أو نقض العهد ، وعاد حربا لكم ، فجادلوهم باللّسان والسّنان ، وأغلظوا عليهم حتى يسلموا ، (وَقُولُوا ؛) لمن قبل الجزية منهم إذا أخبروكم بشيء من كتبهم : (آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ ؛) أي آمنّا بالقرآن والتوراة والإنجيل والزبور ، (وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (٤٦) ؛ أي مخلصون بالعبادة والتوحيد ، وهذه صفة المجادلة الحسنة.
قوله تعالى : (وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ ؛) أنزلنا إليك يا محمّد القرآن كما أنزلنا إليهم الكتب ، (فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) أي الذين أكرمناهم بعلم التّوراة وهم عبد الله بن سلام وأصحابه يؤمنون بالقرآن بدلالة التّوراة. وقوله : (وَمِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ ؛) أراد به من كفّار مكّة من يؤمن به ، يعني يسلم منهم.
وقوله تعالى : (وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الْكافِرُونَ) (٤٧) ؛ أي ما يجحد بمحمّد صلىاللهعليهوسلم وبالقرآن بعد المعرفة إلّا الكافرون من اليهود ، وذلك أنّهم عرفوا أنّ محمّدا نبيّ والقرآن حقّ فجحدوا وأنكروا.
__________________
(١) هكذا أبهم الاسم (حبيب) ولم يعرّفه.