العن العشّار. وأمّا الفرس فإنّه يقول «إذا التقى الصّفّان» (١) : سبّوح قدّوس ربّ الملائكة والرّوح). فقالوا : يا ابن عبّاس نشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله ، وحسن إسلامهم (٢).
قوله تعالى : (وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ؛) يعني من أمر الدّنيا والآخرة ، وقال مقاتل : (يعني الملك والنّبوّة وتسخير الرّياح والجنّ والشّياطين) (٣). وقوله تعالى : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ) (١٦) ؛ أي الزيادة الظّاهرة على ما أعطي غيرنا.
قوله تعالى : (وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ ؛) أي جمع له من كلّ جهة جماعة من الجنّ والإنس والطّير. والحشر : جمع الخلق من موضع إلى موضع ، ومنه المحشر لعرصات يوم القيامة. قال ابن عبّاس : (كان معسكر سليمان مائة فرسخ ، خمسة وعشرون فرسخا للإنس ، وخمسة وعشرون فرسخا للجنّ ، وخمسة وعشرون فرسخا للسّباع ، وخمسة وعشرون فرسخا للطّير) (٤).
ووجه تسخير الطّير له أنّ الله زاد في عقولها حتى كانت تفهم ما يقال ويراد منها ، وتقبل الأدب وتخاف وتحذر ، وكان لسليمان عليهالسلام ألف بيت من قوارير على الخشب ، فيها ثلاثمائة صريحة ، وسبعمائة سريّة ، فيأمر الرّيح العاصف فترفعه ، ويأمر الرّحا فتسير به ، فأوحى الله وهو يسير بين السّماء والأرض : أنّي قد زدت في ملكك أنّه لا يتكلّم أحد من الخلائق إلّا جاءت به الرّيح فأخبرتك به.
قوله تعالى : (فَهُمْ يُوزَعُونَ) (١٧) ؛ قال قتادة : (كان على كلّ صنف من جنوده وزعة ترد أولاهم على آخرهم ليجتمعوا ويتلاحقوا) (٥) وهو من الوزع الذي هو الكفّ ، يقال : وزعته أزعه وزعا ، والشّيب وازع ؛ أي مانع. قال الليث : (والوازع
__________________
(١) ما بين (()) سقطت من المخطوط.
(٢) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ٩٥٤.
(٣) قاله مقاتل بمعناه في التفسير : ج ٢ ص ٤٧١ ـ ٤٧٢.
(٤) أخرجه الحاكم في المستدرك : كتاب التواريخ : باب تسخير سليمان عليهالسلام الإنس : الحديث (٤١٩٧) عن محمّد بن كعب وسكت عنه.
(٥) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٠٤٥٢). وينظر : المحرر الوجيز : ص ١٤١٦.