الآية النّهي عن صحبة الكفّار والفسّاق ، والترغيب في صحبة الصالحين لقوله تعالى (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ).
قوله تعالى : (يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ ؛) وذلك أنّ ابن لقمان سأل أباه فقال : أرأيت الحبّة التي تكون في قعر البحار ؛ أيعلمها الله؟ فأعلمه أنّ الله يعلم الحبّة أينما كانت.
وقيل : إنّ ابن لقمان قال لأبيه : يا أبت! إن عملت بالخطيئة حيث لا يراني أحد ، كيف يعلمها الله؟ فقال لقمان لابنه : (إِنَّها إِنْ تَكُ) يعني إنّ المعصية إن تك مثقال حبّة من خردل فتكون في صخرة التي تحت الأرضين السّبع أو في السّموات أو في الأرض يأت بها الله للجزاء عليها (١).
ومن قرأ برفع (مثقال) فتقديره : أن تقع مثقال حبّة.
وقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) (١٦) ؛ أي قادر على الإتيان بها ، خبير بموضعها ، يوصلها إلى صاحبها حيث كان. واللّطيف : العالم بكلّ دقيق وجليل. ومعنى الآية : أن الله تعالى ضرب هذا مثلا لأعمال العباد ، يعني أنه يأتي بأعمالهم يوم القيامة ، وإن كان العمل الصالح في الصّغر بوزن حبّة من خردل ، فالله تعالى يحفظه ولا يخفى عليه مكانه حتى يجازيه عليه ، ونظير هذا قوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)(٢).
قوله تعالى : (يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ ؛) أي أقم الصّلاة التي افترضها الله عليك ، وأمر بالطاعة وانه عن المعصية ، (وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ ؛) من الأذيّة في الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ، وقوله تعالى : (إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (١٧) ؛ أي الصّبر على ما أصابك في ذات الله من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من عظام الأمور. وقيل : من حقّ الأمور التي أمر الله بها.
__________________
(١) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ١٠١٣.
(٢) الزلزلة / ٧ و٨.