وقيل : الظاهرة نعمة عليك بعد ما خرجت من بطن أمّك ، والباطنة نعمة عليك وأنت في بطن أمّك. وقيل : الظاهرة ألوان العطايا ، والباطنة غفران الخطايا. وقيل : الظاهرة المال والأولاد ، والباطنة الهدى والإرشاد. وقيل : الظاهرة التوفيق للعبادات ، والباطنة الإخلاص من المراءات. وقيل : الظاهرة ما أعطى من النّعماء ، والباطنة ما زوى من أنواع البلاء. وقيل : الظاهرة إنزال القطر والأمطار ، والباطنة إحياء الأقطار والأنصار. وقيل : الظاهرة ذكر اللسان ، والباطنة ذكر الجنان. وقيل : الظاهرة ضياء النّهار ، والباطنة ظلمة الليل للسّكون والقرار.
ومن قرأ (نعمة) على التوحيد فهي واحدة تبنى على الجميع ، كما في قوله (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها)(١).
قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ؛) يعني النّضر بن الحارث يخاصم في آيات الله وفي صفاته جهلا بغير علم ولا حجّة ، (وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) (٢٠) ؛ وقد تقدّم تفسيره في سورة الحجّ.
قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ ؛) أي اعملوا بما أنزل الله ، (قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا) ، قالوا بل نعمل بما وجدنا عليه آباءنا ، وقد تقدّم تفسير ذلك في سورة البقرة. قوله تعالى : (أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) (٢١) ؛ فيتّبعونه.
قوله تعالى : (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى ؛) أي من يخلص طاعته لله وهو محسن فيها فيفعلها على موجب الشّريعة فقد أخذ بالأمر الأوثق ، (وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ ؛) ترجع خواتم (الْأُمُورِ) (٢٢) ؛ كلّها ، فيجزي كلّ عامل بما عمل.
قرأ السّلميّ : (ومن يسلّم) بالتّشديد. ومعنى قوله تعالى (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) أي اعتصم بالطّرف الأوثق الذي لا يخاف انقطاعه. قال ابن عبّاس رضي الله
__________________
(١) ابراهيم / ٣٤.