جاءت إلى أنس بن مالك فقالت : إنّي أنام قبل العشاء ، فقال : «لا تنامي ؛ فإنّ هذه الآية نزلت في الّذين لا ينامون قبل العشاء ، تتجافى جنوبهم عن المضاجع» (١).
وقال الحسن : «المراد بالآية قيام اللّيل والتّهجّد» (٢) ، وكان يقول : «هم قوم أخفوا لله تعالى عملا ، وأخفى لهم ثوابا» (٣).
وعن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [عليكم بقيام اللّيل ، فإنّه دأب الصّالحين قبلكم ، وإنّ قيام اللّيل قربة إلى الله تعالى ، ومنهاة عن الإثم ، وتكفير للسّيّئات ، ومطردة للدّاء عن الجسد](٤). وقال الضحّاك : «هو أن يصلّي الرّجل العشاء والفجر في جماعة» (٥).
قوله تعالى : (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً ؛) أي خوفا من عذاب الله وطمعا في رحمة الله. وانتصب (خَوْفاً) و (طَمَعاً) لأنه مفعول له. وقوله تعالى : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) (١٦) ؛ أي ومما أعطيناهم من المال يتصدّقون واجبا وتطوّعا.
وقوله تعالى : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ؛) أي لا يعلم أحد ما أخفى الله لهم مما تقرّ به أعينهم وتطيب به أنفسهم ، (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٧) ؛ في الدّنيا من الأعمال الصّالحة.
__________________
ـ (٢١٥٠٥) بأسانيد عديدة. وابن أبي حاتم في التفسير الكبير : الحديث (١٧٨٣٦ ـ ١٧٨٣٩).
(١) أخرجه عن أنس كثيرون ، في الدر المنثور : ج ٦ ص ٥٤٥ ـ ٥٤٦ عزاه السيوطي إلى الفريابي وابن أبي حاتم وابن مردويه ومحمد بن نصر وعبد الرزاق في المصنف وابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد بن حنبل في وزائد الزهد وابن عدي والبزار والبيهقي.
(٢) في الدر المنثور : ج ٦ ص ٥٤٨ ؛ قال السيوطي : (وأخرجه ابن نصر وابن جرير عن الحسن) وذكره. وأخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢١٥١٠).
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير : الأثر (١٧٨٤٢).
(٤) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : الحديث (٦١٥٤) من طريق سلمان الفارسي. وفي مجمع الزوائد : ج ٢ ص ٥١ ؛ قال الهيثمي : (وفيه عبد الرحمن بن سليمان ، وثقه وحيم وابن حبان وابن عدي ، وضعفه أبو داود وأبو حاتم). وأخرجه الطبراني في المعجم الأوسط : ج ٤ ص ١٥٩ : الحديث (٣٢٧٧) من طريق أبي أمامة الباهلي وإسناده حسن.
(٥) أصل هذا الفهم حديث عثمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [من شهد العشاء في جماعة كان له قيام نصف ليلة ، ومن صلّى العشاء والفجر في جماعة كان له كقيام ليلة]. أخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ١ ص ٥٨ و٦٨. وأبو داود في السنن : الحديث (٥٥٥). والترمذي في الجامع : الحديث (٢٢١).