قوله تعالى : (إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً ؛) (معروفا) استثناء ليس من الأول ، ومعناه : لكن فعلكم إلى أوليائكم جائز ، يريد أن يوصي الرجل لمن يتولّاه ممن لا يرثه بما أحبّ من ثلث ماله ، فيكون الموصى له أولى بقدر الوصيّة من القريب الوارث ، وقال ابن زيد : (معناه إلّا أن توصوا لأولياءكم من المهاجرين) (١). قوله تعالى : (كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) (٦) ؛ أي كان الميزان للأقرباء ، والوصية للأصدقاء ، ونسخ الميراث بالهجرة وردّه إلى ذوي الأرحام مكتوبا في اللّوح المحفوظ.
قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ ؛) أي واذكر إذ أخذنا من النّبيّين عهودهم ؛ أي يصدّق بعضهم بعضا ، ويبشّر الأول بالآخر ، ويأخذ كلّ رسول منهم على قوله بما أمر الله به ، وقوله تعالى : (وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ؛) قيل : إنّ الواو مقحمة ؛ وتقديره : منك ومن نوح ، فيكونوا (مِنْكَ) ما بعده تفسير (النَّبِيِّينَ).
والفائدة في تخصيص هؤلاء الأنبياء الخمسة بالذّكر ؛ لأنّهم أهل الشرائع والكتب ، وأولو العزم من الرّسل ، ولهم الأمم والتّبع. وقدّم ذكر النبيّ صلىاللهعليهوسلم لأن الخطاب معه. وجاء في التفسير : أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : [إنّي خلقت قبل الأنبياء وبعثت بعدهم](٢).
قوله تعالى : (وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) (٧) ؛ أي عهدا وثيقا بأن يعبدوني ولا يشركون بي شيئا. وقيل : وأخذنا منهم عهدا شديدا على الوفاء بما حملوا. وقوله تعالى : (لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ ؛) أي لكي يسأل المبلّغين عن تبليغهم وهو قوله تعالى : (ما ذا أَجَبْتُمُ)(٣).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢١٦٠٧).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (٢١٦٠٩) عن قتادة مرسلا. وابن أبي حاتم في التفسير : الحديث (١٧٥٩٤ و١٧٥٩٥) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلىاللهعليهوسلم وذكره.
(٣) القصص / ٦٥.