فقالت الصحابة : ما شأن رسول الله؟ فقال عمر رضي الله عنه : إن شئتم ذهبت إليه لأعلمكم ما شأنه؟ فذهب إلى النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فاستأذن فأذن له. قال عمر : فجعلت أقول في نفسي : أيّ شيء أكلّم به رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعلّه ينبسط؟ فقلت : يا رسول الله ؛ لو رأيت فلانة وهي تسألني النّفقة فصككتها صكّة؟ فقال صلىاللهعليهوسلم : [فذلك الّذي أجلسني عنكم]. فأتى عمر حفصة فقال لها : لا تسألي رسول الله صلىاللهعليهوسلم شيئا فما كان من حاجته لك فأولى.
ثمّ جعل يتتبّع نساء النّبيّ صلىاللهعليهوسلم يكلّمهنّ ، حتّى قال لعائشة رضي الله عنها : يغرّك أنّك امرأة حسناء وإنّ زوجك يحبّك ، لتنتهينّ أو لينزلنّ الله فيكنّ القرآن. فقالت أمّ سلمة : يا ابن الخطّاب ؛ أو ما بقي لك إلّا أن تدخل بين رسول الله ونسائه! فمن تسأل المرأة إلّا زوجها؟ فأنزل الله هذه الآية (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ) إلى آخرها (١).
وكان يومئذ مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم تسع نسوة ؛ خمس من قريش : عائشة بنت أبي بكر ، وحفصة بنت عمر ، وأمّ حبيبة بنت أبي سفيان ، وسودة بنت زمعة ، وأمّ سلمة بنت أبي أميّة ، فهؤلاء من قريش. وصفيّة بنت حييّ بن أخطب الخيبريّة ، وميمونة بنت الحارث الهلالية ، وزينب بنت جحش ، وجويريّة بنت الحارث المصطلقيّة (٢).
وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال : (كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم جالسا مع حفصة ، فتشاجرا فيما بينهما ، فقال لها : هل لك أن أجعل بيني وبينك رجلا؟ قالت : نعم ، قال : فأبوك إذا ، فأرسل إلى عمر رضي الله عنه ، فلمّا دخل عليها قال : تكلّمي ، قالت : يا رسول الله تكلّم ولا تقل إلّا حقّا! فرفع عمر يده فوجّى وجهها ثمّ رفع فوجّى وجهها ، فقال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : [كفّ].
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (٢١٧٠٣). ومسلم في الصحيح : كتاب الطلاق : باب أن تخيير امرأته لا يكون طلاقا : الحديث (٢٩ / ١٤٧٨).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢١٧٠٤) عن الحسن وقتادة.