قوله تعالى : (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى ؛) التّبرّج : التّبختر وإظهار الزّينة ، وما يستدعي به من شهوة الرّجال وإبراز المحاسن للناس. والجاهلية الأولى : هي ما بين عيسى عليهالسلام ومحمّد صلىاللهعليهوسلم (١) ، كانت المرأة من أهل ذلك الزمان تتّخذّ الدّرع من اللّؤلؤ فتلبسه ثم تمشي وسط الطريق ليس عليها غيره ، وتعرض نفسها للرّجال. وقال بعضهم : الجاهلية الأولى ما بين آدم ونوح ، كان نساؤهم أقبح ما يكون من النّساء ، ورجالهم حسان ، وكانت المرأة تراود الرجل عن نفسه. فنهى الله تعالى هؤلاء عن فعل أهل الجاهليّة وأمرهنّ بإقامة الصّلاة وإيتاء الزّكاة وطاعة الله ورسوله في باقي الآية.
قوله تعالى : (وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ ؛) أي إنّما أمركنّ الله بما أمركنّ من الطاعة ولزوم البيوت (لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ) ، يعني رجس الذّنوب والعيوب ، (وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (٣٣). وقال ابن عبّاس : (عمل الشّيطان وما ليس فيه رضى). ومعنى الرّجس : السّوء وما يوجب العقوبة. والمراد بأهل البيت هاهنا نساء النّبيّ صلىاللهعليهوسلم لأنّهنّ في بيته. وقيل : أهل البيت كلّ من اتّصل بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم من جهة نسب عليّ أو نسب على العموم (٢). وعن أبي سعيد الخدريّ : (أنّ الآية نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم أجمعين) (٣).
__________________
(١) في الدر المنثور : ج ٦ ص ٦٠٢ ؛ قال السيوطي : (أخرجه ابن مردويه عن ابن عباس) وذكره.
(٢) في المخطوط : (من جهة نسب أو نسب علي العموم).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (٢١٧٢٧). وابن أبي حاتم في التفسير الكبير : الحديث (١٧٦٧٧). وفي مجمع الزوائد : ج ٧ ص ٩١ ؛ قال الهيثمي : (رواه الطبراني وفيه عطية ابن سعد ، وهو ضعيف). وفي تهذيب التهذيب : ترجمة عطية : الرقم (٤٧٥٥) ؛ قال ابن حجر : (قال ابن عدي : قد روى عن جماعة من الثقات ، ولعطية عن أبي سعيد أحاديث عدة ، ومن غير أبي سعيد ، وهو مع ضعفه يكتب حديثه ، وكان يعدّ مع شيعة أهل الكوفة). وينظر : الكامل في الضعفاء لابن عدي : ج ٧ ص ٨٥ : الرقم (٥٦٢ / ١٥٣٠).