قوله تعالى : (وَلا نِسائِهِنَّ) ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : (يعني نساء المؤمنين ، لا نساء اليهود والنّصارى يصفن لأزواجهنّ نساء رسول الله صلىاللهعليهوسلم إن رأينهنّ). وقوله تعالى : (وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ) ، يعني العبيد والإماء ، قيل : حمله على الإماء أولى ؛ لأن الحرّ والعبيد يختلفان فيما يباح لهما من النّظر ، فلا يجوز للبالغين من العبيد أن ينظروا إلى شيء منهن.
قوله تعالى : (وَاتَّقِينَ اللهَ) ، أي واتّقين الله أن يراكنّ غير هؤلاء ، وقيل : اتّقين الله في الإذن لغير المحارم في الدخول عليكن ، (إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) ، من أعمال العباد ، (شَهِيداً) (٥٥) ، لم يغب عنه شيء.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) ، معناه : أنّ الله يترحّم على النّبيّ ويثني عليه ، وقوله : (وَمَلائِكَتَهُ) أي والملائكة يدعون له بالرّحمة ، وقوله تعالى : (يُصَلُّونَ) الضمير فيه يعود على الملائكة دون اسم الله تعالى ؛ لأن الله عزوجل يفرد ذكره عن ذكر غيره إعظاما كما تقدم في قوله : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ). وقرأ ابن عباس : (وملائكته) بالرفع عطفا على محل قوله تعالى قبل دخول (إِنَّ) ، ونظيره قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ)(١) وقد مضى ذلك.
وقيل : معنى قوله : (وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ) أي يثنون ويترحّمون ويدعون له. وقال مقاتل : (أمّا صلاة الله فالمغفرة ، وأمّا صلاة الملائكة فالاستغفار له). وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ) ، أي قولوا : اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ، تعظيما وإجلالا وتفضيلا.
وعن كعب بن عجرة قال : لمّا نزلت هذه الآية ، قيل : يا رسول الله كيف الصّلاة عليك؟ قال : [قولوا : اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ، كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنّك حميد مجيد ، وبارك على محمّد وعلى آل
__________________
(١) المائدة / ٦٩.