وقال بعضهم : تجب عليه في كلّ مجلس مرّة بمنزلة سجدة التّلاوة. وقال الطحّاويّ : (تجب الصّلاة على النّبيّ صلىاللهعليهوسلم كلّما ذكر) واستدلّ بما روي أنّ جبريل عليهالسلام قال للنبيّ صلىاللهعليهوسلم : [من ذكرت عنده فلم يصلّ عليك فلا غفر الله له](١). وقال الشافعيّ رضي الله عنه : (الصّلاة عليه فرض في كلّ صلاة) وهذا قول لم يقل به أحد غيره (٢).
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) ، قال المفسّرون : هم المشركون واليهود والنصارى ، وصفوا الله بالولد فقالوا : عزيز ابن الله ، والمسيح ابن الله ، والملائكة بنات الله ، وكذبوا رسوله وشجّوا وجهه وكسروا رباعيته ، وقالوا : مجنون ، وشاعر ، وساحر كذاب. قال صلىاللهعليهوسلم : [ما من أحد أصبر على أذى يسمعه من الله تعالى ، جعلوا له ندّا وجعلوا له ولدا ، وهو مع ذلك يعافيهم ويعطيهم ويرزقهم](٣) وكذلك قالت اليهود : يد الله مغلولة ، وقالوا : إن الله فقير.
ومعنى : يؤذون الله ، أي يخالفون أمر الله ويعصونه ويصفونه بما هو منزّه عنه ، والله تعالى لا يلحقه أذى. وقوله تعالى : (لَعَنَهُمُ اللهُ) أي باعدهم الله يعني بالقتل والجلاء في الدّنيا ، والعذاب بالنار في الآخرة ، وهو قوله تعالى : (وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً) (٥٧) ، أي ذي هوان.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا) ، أي يرمونهم بما ليس فيهم ، قال قتادة والحسن : (إيّاكم وإيذاء المؤمن ؛ فإنّ الله يغضب له ويؤذي من آذاه) (٤). وعن عبد الرحمن بن سمرة (٥) قال :
__________________
(١) أخرجه ابن حبان في الإحسان : كتاب الرقائق : باب الأدعية : الحديث (٩٠٧).
(٢) أدرج الناسخ كعادته عبارة : (كذا في تفسير عبد الصمد). وقد تقدم ذكره.
(٣) لم أقف عليه.
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢١٨٦٠) عن قتادة. وذكره الثعلبي في الكشف والبيان : ج ٨ ص ٦٣ عنهما. وفي الدر المنثور : ج ٦ ص ٦٥٧ ؛ قال السيوطي : (أخرجه عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم).
(٥) عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه أسلم يوم الفتح ، يقال : اسمه عبد كلال ، وقيل غير ذلك ، فسماه