خرج النّبيّ صلىاللهعليهوسلم على أصحابه فقال : [رأيت اللّيلة عجبا ، رأيت رجالا معلّقون بألسنتهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل؟ فقال : هؤلاء الّذين يرمون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا].
قوله تعالى : (فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) (٥٨) ، أي فقد قالوا كذبا وجنوا على أنفسهم وزرا وعقوبة.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ) ، أي قل لنسائك وبناتك والحرائر من النساء يلقين على رؤوسهن ووجوههنّ من جلابيبهن ، والجلباب : هو المقنعة التي تستر بها المرأة ما يظهر من العنق والصدر ، وهي الملاءة التي تشتمل بها المرأة.
قال المفسّرون : يغطّين رؤوسهن ووجوههن إلا عينا واحدة. وظاهر الآية يقتضي أن يكنّ مأمورات بالسّتر التام عند الخروج إلى الطّرق ، فعليهن أن يستترن إلا بمقدار ما يعرفن به الطريق.
وقوله تعالى : (ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٥٩) ، معناه : ذلك أقرب أن يعرفن الحرائر من الإماء فلا يؤذي الحرائر ؛ لأن الناس كانوا يومئذ يمازحون الإماء ولا يمازحون الحرائر ، وكان المنافقون يمازحون الحرائر ، فإذا قيل لهم في ذلك ، قالوا : حسبنا أنّهن إماء. فأمر الله الحرائر بهذا النوع من السّتر قطعا لأعذار المنافقين.
وعن عمر رضي الله عنه : أنّه كان يضرب الإماء ويقول : (اكشفن رؤوسكنّ ولا تتشبّهن بالحرائر) (١). ومرّت جارية بعمر رضي الله عنه متقنّعة ، فعلاها بالدرّة وقال : (يا لكاع ، أتتشبّهين بالحرائر ، ألقي القناع) (٢).
__________________
ـ النبي صلىاللهعليهوسلم عبد الرحمن ، سكن البصرة ، وهو الذي افتتح سجستان وكابل وغيرها ، وشهد غزوة مؤتة ، توفي سنة خمسين من الهجرة. ينظر : تهذيب التهذيب : الرقم (٣٩٩٥) : ج ٥ ص ١٠٢.
(١) في الدر المنثور : ج ٦ ص ٦٦٠ ؛ قال السيوطي : (أخرجه ابن أبي شيبة عن أبي قلابة رضي الله عنه) وذكره.
(٢) في الدر المنثور : ج ٦ ص ٦٦٠ ؛ قال السيوطي : (أخرجه ابن أبي شيبة عن أنس رضي الله عنه) وذكره.