قال الزجّاج : (سنّ الله في الّذين ينافقون الأنبياء ويرجفون بهم أن يقتلوا حيثما ثقفوا) (١) ولا يبدّل الله سنّته فيهم ، وهو قوله تعالى : (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) (٦٢) ، أي هكذا سنة الله فيهم إذا أظهروا النفاق.
قوله تعالى : (يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ) ، قال الكلبيّ : (سأل أهل مكّة النّبيّ صلىاللهعليهوسلم عن السّاعة وعن قيامها) فقال الله تعالى : (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ) ، أي قل لهم يا محمّد : إنّما العلم بوقت قيامها عند الله ، لا يطلع أحدا عليها. وقوله تعالى : (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً) (٦٣) ، أي أيّ شيء يعلمك أمر الساعة ومتى يكون قيامها ، أي أنت لا تعرفه ، ثم قال : (لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً).
وما بعد هذه الآية : (إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً (٦٤) خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) (٦٥) ، ظاهر المعنى.
قوله تعالى : (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ) ، أي تقلّب وجوه الكفار ظهر البطن ، وقيل : تقلّب إلى سواد ، وقيل : تقلّب إلى الأقفية.
وقرأ أبو جعفر : (تقلّب) بفتح التاء بمعنى تتقلّب. وقرأ عيسى بن عمر : (نقلّب) بالنون وكسر اللام (وجوههم) بالنصب. وقوله تعالى : (يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) (٦٦) ، في الدّنيا.
قوله تعالى : (وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) (٦٧) أي صرفونا عن الدّين وعن سبيل الهدى. قرأ الحسن وابن عامر ويعقوب : (ساداتنا) بالألف وكسر التاء على جمع الجمع.
قوله تعالى : (رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ) ، أي عذّبهم مثلي عذابنا ، فيكون ضعف على كفرهم وضعف على دعائهم لنا إلى الضلال. وقوله : (وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) (٦٨) ، قرأ عاصم (كَبِيراً) بالباء ؛ أي عظيما ، وقرأ الباقون بالثاء من الكثرة ، وإنما اختاروا الكثرة لقوله : (وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ)(٢) وقوله
__________________
(١) قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ج ٤ ص ١٧٩.
(٢) البقرة / ١٥٩.