قال أهل التّاريخ : كان عمر سليمان ثلاثا وخمسين سنة ، ومدّة ملكه أربعون سنة ، وملك يوم ملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، وابتدأ في بناء بيت المقدس لأربع سنين مضين من ملكه ، وكان عمر داود مائة وأربعون سنة (١).
قوله تعالى : (لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ؛) قال فروة بن مسيك : أتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسألته عن سبأ ما هو؟ فقال : [رجل من العرب أولد عشرة أولاد ، تيامن منهم ستّة ، وتشامّ منهم أربعة. فأمّا الّذين تيامنوا فالأزد وكندة وحمير ومذحج والأشعريّون وإنمار ومنهم بجيلة. وأمّا الّذين شاموا فعاملة وغسّان ولخم وجذام](٢). والمراد بسبأ القبيلة الذين هم من أولاد سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
وقوله تعالى (فِي مَسْكَنِهِمْ) أنه كانت مساكنهم بمأرب من اليمن (آية) أي علامة يدلّ على قدرة الله وأنّ المنعم عليهم هو الله تعالى. ثم فسّر تلك الآية فقال : (جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ ؛) أي عن يمين واديهم وشماله قد أحاطتا بذلك الوادي الذي بين مساكنهم.
والمعنى : لقد كان لأهل سبأ في مواضعهم علامة ، وهي جنّتان ؛ أي بستانان ؛ إحداهما عن يمين الطريق ، وأخرى عن يسار الطّريق ، ويقال : كان بستانين عن يمين الطريق وبستانين عن شمال الطريق ، إلّا أنّ البساتين كلّ واحد من الجانبين سمي جنّة لاتّصال بعضها ببعض ، وكانوا في النّعمة بحيث كانت المرأة تمشي في تلك الطريق بين البساتين وعلى رأسها الزّنبيل فيمتلئ من ألوان الفاكهة من غير أن تمسّ شيئا بيدها.
__________________
(١) ذكره القرطبي أيضا في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٤ ص ٢٨١.
(٢) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ج ١٨ ص ٢٧٢ : الحديث (٨٣٤ و٨٣٥ و٨٣٦) وإسناده حسن. وأبو داود في السنن : كتاب الحروف والقراءات : الحديث (٣٩٨٨) مختصرا. والترمذي في الجامع : أبواب التفسير : الحديث (٣٢٢٢) ، وقال : حسن غريب. والطبري في جامع البيان : الحديث (٢١٩٨١).