عمون ؛ أي متحيّرون ، ويجوز أن يكون معنى (ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ) أي لحق علمهم ذلك بما نصب لهم من الأدلّة ، بل هم في شكّ منها بترك التأمّل.
قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ) (٦٧) معناه : وقال كفّار مكّة : إذا صرنا ترابا وآباؤنا أإنّا لمخرجون من القبور أحياء؟
وقوله تعالى : (لَقَدْ وُعِدْنا هذا ؛) الذي تخوّفنا به من البعث والنّشور ، ووعد آباؤنا من قبل ، فما وجدنا لذلك حقيقة ، وما هذا الذي يعدنا محمّد إلّا أكاذيب الأوّلين. وقيل : معناه : لقد وعدنا هذا البعث ، (نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ) قبل محمّد وليس ذلك بشيء ، (إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (٦٨) ؛ أي أحاديثهم وأكاذيبهم التي كذبوها.
قوله تعالى : (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ؛) أي قل يا محمّد : (سِيرُوا) ؛ أي سافروا وتردّدوا في الأرض ، (فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) (٦٩) ؛ آخر أمر المكذّبين بالرّسل أهلكهم الله بأنواع العقوبات.
قوله تعالى : (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ؛) أي لا تحزن على تكذيبهم إيّاك ولا إهلاكهم إن لم يؤمنوا ، وذلك أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم كان حريصا على إيمانهم ونجاتهم ، (وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) (٧٠) ؛ أي لا يضيق صدرك يا محمّد بما يمكرونه ، وسيظهرك الله عليهم ، نزلت هذه الآية في المستهزئين الذين اقتسموا أعقاب مكة ، وقد مضت قصّتهم.
قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٧١) ؛ أي يقولون على وجه التّكذيب : (مَتى هذَا الْوَعْدُ) الذي يعدنا به في الدّنيا والآخرة (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في أنه يكون.
قوله تعالى : (قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ) (٧٢) أي قل يا محمّد : (عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ) أي دنا لكم وركبكم بعض ما تستعجلون به من العذاب ، لا يجوز أن تكون (عَسى) في هذا الموضع بمعنى الشّك ، إنّما هو بمعنى الإيجاب على وجه التّخويف ، قال ابن عبّاس : (رَدِفَ لَكُمْ) ؛ أي قرب