وبالغلبة عليهم في المحاربة ، ونعينهم ، (وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) (٥١) ؛ بإعلاء كلمتهم وإظهار منزلتهم ، والمعنى : ويوم القيامة تقوم الحفظة من الملائكة يشهدون للرّسل بالتبليغ ، وعلى الكفّار بالتكذيب.
وواحد الأشهاد : شاهد ، مثل صاحب وأصحاب ، وطائر وأطيار ، والمراد من الأشهاد الأنبياء والملائكة والمؤمنون والجوارح والمكان والزمان ، يشهدون بالحقّ لأهله ، وعلى المبطل بفعله ، (يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ؛) أي إن اعتذروا من كفرهم لم يقبل منهم ، وإن تابوا لم تنفعهم التوبة ، (وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ ؛) أي البعد من الرحمة ، (وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) (٥٢) ؛ يعني جهنّم سوء المنقلب.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى ؛) من الضّلالة يعني التوبة ، وقيل : معناه : ولقد أعطينا موسى الدّين المستقيم ، (وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ) (٥٣) ، ونزّلنا على بني إسرائيل التوراة والإنجيل والزّبور (هُدىً وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ) (٥٤) ؛ هدى من الضّلالة وعظة لذوي العقول ، (فَاصْبِرْ) ، يا محمّد على أذى الكفّار كما صبر الرسل قبلك ، (إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ) ، في نصرتك وإظهار دينك صدق كائن ، (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ؛) يعني الصغائر ؛ لأن أحدا من البشر لا يخلو من الصغائر وإن عصم من الكبائر.
وقيل : معناه : واستغفر لذنوب أمّتك ، (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ؛) أي نزّهه عن كلّ صفة لا تليق به ، واحمده على كلّ نعمة. ويجوز أن يكون المراد بالتسبيح في الآية من قوله : (بِالْعَشِيِّ ؛) الصّلوات الخمس وقت ما بعد الزّوال إلى وقت العشاء الآخرة ، ومن قوله : (وَالْإِبْكارِ) (٥٥) ؛ صلاة الفجر. والمعنى : صلّ لربك شاكرا لربك بالعشيّ والإبكار.
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ ؛) وذلك أن اليهود كانوا يجادلون في النبيّ صلىاللهعليهوسلم في رفع القرآن ، وكانوا يقولون له : صاحبنا المسيح بن داود ، يعنون الدجّال يخرج في آخر الزمان فيبلغ سلطان البرّ والبحر ، ويردّ الملك إلينا وتسير معه الأنهار ، وهو آية من آيات الله! ويعظّمون أمر الدجّال ، فأنزل الله هذه الآية.