ومعناه : إنّ الذين يخاصمون بغير حجّة أتتهم ، (إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ ؛) أي ما في قلوبهم إلّا عظمة عن قبول الحقّ لحسدهم ، ما هم ببالغي تلك العظمة التي في قلوبهم لأنّ الله تعالى مذلّهم ، فلا يصلون إلى دفع من آيات الله.
قال ابن عبّاس : (والمعنى : ما يحملهم على تكذيبك إلّا ما في صدورهم من العظمة ما هم ببالغي مقتضى ذلك الكبر لأنّ الله مذلّهم) (١). وقال ابن قتيبة : (إنّ في صدورهم إلّا تكبّر على محمّد ، وطمع أن يصلوه وما هم ببالغي ذلك ، فاستعذ بالله يا محمّد من الكبر ومن شرّ اليهود ومن شرّ الدّجّال ومن كلّ ما تجب الاستعاذة منه) (٢) ، وقوله تعالى : (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (٥٦) ؛ بهم وبأعمالهم.
وقوله تعالى : (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ ؛) أي هذا أكبر من خلق بغير عمد وجريان الأفلاك بالكواكب فيه أعظم في النفس وأهول في الصدر من خلق الناس ، (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ ؛) الكفار ، (لا يَعْلَمُونَ) (٥٧) ؛ حين لا يستدلّون بذلك على توحيد خالقهما وقدرته على ما هو أعظم من خلق الدجّال ، وعلى أن يمنع المسلمين من غلبته عليهم.
وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [إنّ قبل خروج الدّجّال ثلاث سنين ، أوّل سنة تمسك السّماء ثلث قطرها والأرض ثلث نباتها ، والثّانية تمسك ثلثي قطرها والأرض ثلثي نباتها ، وفي السّنة الثّالثة تمسك السّماء ما فيها والأرض وما فيها ، ويهلك كلّ ذات ظلف وضرس](٣).
وعن أبي أمامة الباهليّ قال : (خطبنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذات يوم ، فكان أكثر خطبته أن يحدّثنا عن الدّجّال ويحذّرنا ، فكان من قوله : [أيّها النّاس ؛ إنّه لم تكن فتنة في الأرض أعظم من فتنة الدّجّال ، إنّ الله تعالى لم يبعث نبيّا إلّا حذر أمّته منه ، وأنا
__________________
(١) نقله البغوي أيضا في معالم التنزيل : ص ١١٤٢.
(٢) نقله عنه البغوي أيضا في معالم التنزيل : ص ١١٤٢.
(٣) أخرجه البغوي في معالم التنزيل : ص ١١٤٢ بإسناده عن أسماء بنت يزيد الأنصارية.