الّذي يقرؤه عليكم محمّد ، فإذا سمعتموه يقرأ فارفعوا أصواتكم بالأشعار والأراجيز والغوا فيه بالمكاء والصّفير ، وقابلوه بكلام اللّغو حتى تغلبوه فيسكت.
يقول الله تعالى : (فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً ؛) أي في الدّنيا بالقتل والأسر ، (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) (٢٧) ، ولنعاقبنّهم في الآخرة بعذاب أشدّ من عذابهم في الدّنيا ، (ذلِكَ ؛) العذاب ، (جَزاءُ أَعْداءِ اللهِ). وقوله تعالى : (النَّارُ ؛) بدل من العذاب ؛ أي بدل من قوله (جَزاءُ أَعْداءِ اللهِ). وقوله تعالى : (لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ ؛) أي لهم في النّار دار الإقامة ، (جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ) (٢٨) ؛ يعني القرآن جحدوا أنه من عند الله.
قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ؛) معناه : يقول الّذين كفروا في النار : يا ربّنا أرنا اللّذين أضلّانا عن الحقّ. قال بعضهم : يريد به إبليس وقابيل أوّل من أحدث المعصية في بني آدم ، (نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا ؛) أي أسفل منّا في النار ، (لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ) (٢٩) ؛ في الدّرك الأسفل. وقيل : معناه : ليكونا أشدّ عذابا منّا.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ؛) أي إنّ الذين وحّدوا الله ، (ثُمَّ اسْتَقامُوا) ، على الإيمان ولم يشركوا. وكان الحسن إذا قرأ هذه الآية قال : (اللهمّ أنت ربّنا فارزقنا الاستقامة) (١).
وقال أبو بكر رضي الله عنه : (يعني ثمّ استقاموا على أنّ الله رب لهم) (٢) ، وقال مجاهد : (هم الّذين لم يشركوا به شيئا حتّى يلقوه) (٣). وقال بعضهم : يعني الاستقامة على أداء الفرائض ولزوم السّنة. وروي عن عمر رضي الله عنه : (استقاموا لله بطاعته ولم يروغوا روغان الثّعالب) (٤).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٣٥٥٩).
(٢) بمعناه ؛ أخرجه الطبري في جامع البيان : الآثار (٢٣٥٥١ ـ ٢٣٥٥٢).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٣٥٥٤).
(٤) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ١١٥١. وفي الدر المنثور : ج ٧ ص ٣٢٢ ؛ قال السيوطي :
(أخرجه ابن المبارك وسعيد بن منصور وأحمد في الزهد ، وعبد بن حميد والحكيم الترمذي وابن