وإذا اغتسل أن يتذكّر آخر عهده بالغسل ، وإذا نام أن يذكّر الحال التي يوضع فيها على جنبه في اللّحد.
قوله تعالى : (وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً ؛) أي جعل الكفار لله تعالى من عباده جزءا ؛ لأنّهم قالوا : الملائكة بنات الله ، فوصفوا عباد الله بأنّهم جزء من الله ، وقد تقدّم أن الذين قالوا هذا القول حيّ من خزاعة ، ومعنى الجعل ههنا الحكم بالشيء ، والوصف والتسمية كما جعل فلان زيدا من أعلم الناس ؛ أي وصفه بذلك ، ويقال : إن الجزء في كلام العرب عبارة عن الأنثى كما قال الشاعر (١) :
إن أجزأت حرّة يوما فلا عجب |
|
قد تجزئ الحرّة المذكار أحيانا |
أراد بـ (أجزأت) : ولدت أنثى. قوله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ) (١٥) ؛ أراد بالإنسان الكافر ، وقوله تعالى (لَكَفُورٌ مُبِينٌ) أي لجحود لنعم الله ، (مُبِينٌ) ظاهر الكفران.
ثم أنكر عليهم هذا فقال تعالى : (أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ) (١٦) ؛ هذا استفهام توبيخ وإنكار ، يقولوا : أتّخذ ربّكم لنفسه البنات وأصفاكم بالبنين وأخلصكم بهم. والمعنى : كيف اختار لنفسه أهون قسمي الولد ، واختار لكم أعلى القسمين ، والحكمة لا توجب أن يختار الحكيم الأدون لنفسه والأعلى لغيره.
ثم وصف كراهتهم بالبنات ، فقال قوله عزوجل : (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا ؛) أي وإذا أخبر أحدهم بما وصف للرحمن من إضافة البنت إليه صار وجهه مسودّا متغيّرا يعرف فيه الحزن. وقوله تعالى : (وَهُوَ كَظِيمٌ) (١٧) ؛ أي يتردّد حزنه في جوفه. وقد تقدم تفسيره في سورة النحل.
__________________
(١) نقله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ج ٤ ص ٣٠٩ ؛ وقال : (لا أدري البيت قديم أو مصنوع). وفي الكشاف : ج ٤ ص ٢٣٤ ؛ قال الزمخشري : (ومن بدع التفاسير تفسير الجزء بالإناث ، وادّعاء أن كلمة الجزء في لغة العرب هو اسم للإناث ، وما هو إلا كذب على العرب ، ووضع مستحدث منحول).