فلما وجد الصبيّ ريح أمّه قبل ثدييها وأتمّها الله ما وعدها وهو قوله تعالى : (فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ ؛) على فراقه ، (وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ ؛) بردّ ولدها إليها ، (حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (١٣) أنّ الله وعدها بردّ ولدها إليها.
قوله تعالى : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى ؛) قال مجاهد : ((بَلَغَ أَشُدَّهُ) ؛ أي ثلاثا وثلاثين سنة) ، (وَاسْتَوى) أي بلغ أربعين سنة (١) ، وهو قول ابن عبّاس وقتادة (٢).
قوله تعالى : (آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً) يعني الفقه والعقل والعلم في دينه ودين آبائه ، قد تعلّم موسى وحكم قبل أن يبعث نبيّا. وقال ابن عبّاس : (لمّا بلغ موسى أربعين سنة آتاه الله النّبوّة). وقيل : الأشدّ : منتهى الشّباب والقوّة ، والاستواء : إتمام الخلق واعتدال الجسم في الطّول والعظم ، وإنّما يبلغ المرء هذا الحدّ في اثنين وعشرين سنة إلى أربعين سنة.
قوله تعالى : (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (١٤) ؛ فيه بيان أنّ إنشاء العلم والحكمة يجوز أن يكون على الإحسان ؛ لأنّهما يؤدّيان إلى الجنّة التي هي جزاء المحسنين.
قوله تعالى : (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ ؛) أي دخل موسى مدينة فرعون وهي مدينة يقال لها منف ، وكانت من مصر على فرسخين (٣). وقوله تعالى : (عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها) ، قال ابن عبّاس : (في وقت الظّهيرة عند المقيل وقد خلت الطّرق) (٤).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٠٧٤٠). وابن أبي حاتم في التفسير الكبير : ج ٩ ص ٢٩٥١ : الأثر (١٦٧٤٣ ـ ١٦٧٤٤).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٠٧٤٠). وابن أبي حاتم في التفسير الكبير : ج ٩ ص ٢٩٥١. الأثر (١٦٧٤٣ و١٦٧٤٤).
(٣) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٣ ص ٢٥٩ ، نقله القرطبي عن مقاتل.
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٠٧٤٩).