ونختار الذي لهم الخيرة فيصنع بهم ما صلح لهم ، وأنشد محمود الورّاق (١) :
توكّل على الرّحمن في كلّ حاجة |
|
أردت فإنّ الله يقضي ويقدّر |
متى ما يريد ذو العرش أمرا بعبده |
|
يصبه وما للعبد ما يتخيّر |
فقد يهلك الإنسان من حيث أمنه |
|
وينجو بحمد الله من حيث يحذر |
قوله تعالى : (وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ ؛) أي ما تستر من الكفر والعداوة لله ولرسوله ؛ أي يعلم ما تضمر قلوبهم من ذلك ، (وَما يُعْلِنُونَ) (٦٩) بألسنتهم من الكفر والمعاصي.
قوله تعالى : (وَهُوَ اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ ؛) يستحقّ الحمد في الدّارين ، (وَلَهُ الْحُكْمُ ؛) أي الفصل بين الخلائق ؛ حكم لأهل طاعته بالمغفرة ، ولأهل معصيته بالشّقاء والويل ، (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٧٠) ؛ أي موضع جزائه.
قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) أي قل يا محمّد لأهل مكّة : أخبروني إن جعل الله عليكم الليل دائما أبدا إلى يوم القيامة ، لا نهار معه ، (مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ ؛) أي بنهار مضيء تتصرّفون فيه وتطلبون فيه المعيشة ، (أَفَلا تَسْمَعُونَ ؛) (٧١) سماع قبول وتفهّم فتستدلّون بذلك على توحيد الله.
قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ؛) أي قل : أخبروني إن جعل الله عليكم النهار دائما ، (مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ) ، تستريحون فيه من الحركة ومن النّصب؟ (أَفَلا تُبْصِرُونَ) (٧٢) ؛ أدلّة الله تعالى.
__________________
(١) ذكره القرطبي أيضا في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٣ ص ٣٠٦ مع بعض اختلاف. ومحمود الوراق هو محمود بن الحسن الوراق الشاعر ، أكثر القول من الزهد والأدب. ترجم له الخطيب في تاريخ بغداد : الرقم (٧٠٧٢) ومات في خلافة المعتصم.