قوله تعالى : (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ ؛) أي ومن نعمته عليكم أن خلق لكم الليل والنّهار لتستريحوا ليلا ، ولتنصرفوا نهارا ، والمعنى : (لِتَسْكُنُوا فِيهِ) أي في اللّيل ، (وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ ؛) أي ولتلتمسوا في النهار من فضل الله ، (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٧٣) ؛ الذي أنعم عليكم بهما.
قوله تعالى : (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) (٧٤) ؛ فقد تقدّم تفسيره.
قوله تعالى : (وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ؛) أي وأخرجنا من كلّ أمّة رسولها الذي يشهد عليهم بالتبليغ وما كان منهم ، (فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ ؛) أي فقلنا للمشهود عليهم : (هاتُوا بُرْهانَكُمْ) أي حجّتكم بأنّ معي شريكا ، (فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ ؛) أي أنّ التوحيد لله ، (وَضَلَّ عَنْهُمْ ؛) أي زال عنهم وبطل في الآخرة ، (ما كانُوا يَفْتَرُونَ) (٧٥) ؛ في الدّنيا من قولهم : إنّ مع الله شريكا.
قوله تعالى : (إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ ؛) قال أكثر المفسّرين : كان قارون ابن عمّ موسى من بني إسرائيل ، وكان من العلماء بالتّوراة. وقال بعضهم كان ابن خالته. وقوله تعالى (فَبَغى عَلَيْهِمْ) أي بكثرة ماله ، والمعنى : أنه تطاول على موسى وقومه وجاوز الحدّ في التّكبّر عليهم. والبغي في اللغة : طلب العلوّ بغير حقّ.
قوله تعالى : (وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ) أي أعطيناه من الأموال المجموعة ما إنّ مفاتحه ، قال ابن عبّاس : (أراد بالمفاتح الخزائن ، كانت خزائنه لتثقل بالجماعة ذوي القوّة إذا حملوها) (١).
قال بعضهم : هو جمع مفتاح ؛ وهو ما يفتح به الباب ، وهذا قول قتادة ومجاهد. وقيل : مفاتح جمع مفتح بكسر الميم وهي المفتاح ، فجمعه مفاتيح. قال خيثمة : (كانت مفاتيح قارون من جلود ، كلّ مفتاح مثل الإصبع ، مفتاح كلّ خزانة على حدة ، فإذا
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢١٠١١).