ركب حمل المفاتيح على ستّين بغلا) (١). وقال ابن عبّاس : (كان يحمل مفاتيحه أربعون رجلا أقوى ما يكون من الرّجال) (٢).
ومعنى قوله تعالى (لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ) وإنّما العصبة تنوء بالمفاتيح ؛ أي يثقل في حملها ، قيل : هذا شائع في الكلام كما يقال : عرضت الناقة على الحوض ، وإنّما يعرض الحوض عليها ، ولا تعرض الناقة على الماء. والكنز في اللّغة : اسم للمال الذي يجمع بعضه على بعض ، وإذا أطلق أريد به ما يخبّأ تحت الأرض.
وقال خيثمة : (وجدت في الإنجيل : أنّ مفاتيح خزائن قارون وقر ستّين بغلا غرّا محجّلة) (٣) ، وقيل : إنّها كانت من جلود الإبل ، وكانت من حديد ، فلما ثقلت عليه جعلت من خشب ، فلما ثقلت عليه جعلت من جلود.
قوله تعالى : (إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ ؛) قال له قومه من المؤمنين من بني إسرائيل : لا تفرح بالكنوز والمال ولا تأشر (٤) ولا تبطر ، (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) (٧٦) ؛ أي الأشرين البطرين الذين لا يشكرون الله على ما أعطاهم. والفرح إذا أطلق أريد المزح الذي يخرج إلى البطر ، ولذلك قال : (لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) ، وقال (إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ)(٥) ، وأما قوله (فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ)(٦) فهو بهداية النّفس وهو حسن جميل ، قال الشاعر :
ولست بمفراح إذا الدّهر سرّني |
|
ولا جازع من صرفه المتقلّب |
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٢١٠٠٦). وابن أبي حاتم في التفسير الكبير : النص (١٧٠٨٣).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢١٠١٥).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٢١٠٠٧). والوقر : الحمل. والأغرّ من الخيل والبغال : الذي في جبهته بياض أكبر من الدرهم ، وقد وسط جبهته. والمحجّل : ما كان البياض منه في موضع الخلاخل والقيود وفوق ذلك.
(٤) أشر : لجّ في البطر. والأشر : المرح المتكبّر. ينظر : الغريبين للهروي : ج ١ ص ٧٨.
(٥) هود / ١٠.
(٦) آل عمران / ١٧٠.