قوله تعالى : (وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ؛) أي واطلب فيما أعطاك الله من الأموال والنّعمة الجنّة ، وهو أن يقوم بشكر الله فيما أنعم الله وينفقه في رضا الله ، وقوله تعالى : (وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا ؛) أي ولا تنس لتعمل لآخرتك ، وقال الحسن : (أن يقدّم الفضل وأن يمسك ما يغنيه) (١).
وقوله : (وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ ؛) أي أحسن إلى الفقراء والمساكين ، كما أحسن الله إليك. وقيل : معناه : أطع الله واعبده كما أنعم عليك ، (وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ ؛) أي ولا تعمل في الأرض بالمعاصي ومخالفة موسى عليهالسلام ، (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (٧٧).
قوله تعالى : (قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي) ، قال عطاء : (فكفر قارون لمّا رأى أنّ المال حصل له بعلمه ولم ير ذلك من عطاء الله). والمعنى : قال قارون : إنّما أعطيت هذا المال على علم عندي بوجوه الاكتساب والتّجارات لا يعلمها أحد غيري.
وقيل : معناه : على علم عندي يعني لفضل علمي ، فكنت أهلا لما أعطيته ، وكان أقرأهم للتوراة ، والمعنى : فضّلني الله عليكم بهذا المال ، لفضلي عليكم بالعلم ، يعني علم الكيمياء.
قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً ؛) معناه : (أَوَلَمْ يَعْلَمْ) هذا المسكين الذي قد أعجبته نفسه وما ملك من الدّنيا يعني قارون (أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ) بالعذاب (مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ) حين كذبوا رسوله (مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً) وَأَكْثَرُ جَمْعاً ؛) للمال والخدم والحشم.
قوله تعالى : (وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) (٧٨) ؛ معناه : لا يسئل المجرمون عن ذنوبهم في الآخرة ، فإنّهم يعرفون بسيماهم. قال قتادة : (إنّهم يدخلون النّار بغير حساب) (٢).
__________________
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير الكبير : ج ٩ ص ٢٠١١.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢١٠٣٥). وابن أبي حاتم في التفسير الكبير : الأثر (١٧١٢٦).