سورة العنكبوت
«سورة العنكبوت مكّيّة إلّا عشر آيات ، من أوّلها إلى قوله تعالى : (وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ) ، قال الشّعبيّ : (إنّها مدنيّة). وهي أربعة آلاف ومائة وخمسة وتسعون حرفا ، وألف وإحدى وثمانون كلمة ، وتسع وستّون آية» (١).
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) (٢) ؛ قد تقدّم تفسير (الم). فمن جعل هذه الحروف التي في أوائل السّورة قسما ، احتمل أن يكون جواب القسم في قوله : (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) ؛) واحتمل أن يكون (فليعلمنّ).
وقوله تعالى : (أَحَسِبَ النَّاسُ) لفظة استخبار ، ومعناه التوبيخ والتقرير ، كأنه قال : أظنّوا أن نقنع منهم بأن يقولوا آمنّا فقط ولا يمتحنون بالأوامر والنّواهي والتّكليف ، ولا يختبرون بما يعلم أنه صدق إيمانهم.
قال الحسن رضي الله عنه : (سبب نزول هذه الآية أنّه لمّا أصيب المسلمون يوم أحد وكانت الكرّة عليهم ، عيّرهم اليهود والنّصارى بذلك ، فشقّ ذلك على المسلمين ، فأنزل الله هذه الآية). قال السديّ وقتادة ومجاهد : (معناه : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) في أموالهم وأنفسهم بالقتل والتّعذيب) (٢).
__________________
(١) ما بين «» ليس في المخطوط ، وأضفناه جريا على نسق المصنف في افتتاح تفسيره للسور ، واقتبسناه من الكشف والبيان للثعلبي واللباب في علوم الكتاب ، لمواكبة الامام الثعلبي وابن عادل ومسايرتهما للامام الطبراني في هذا التنسيق من الافتتاح لتفسير السورة.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢١٠٧٩) عن قتادة ومجاهد. وابن أبي حاتم في التفسير الكبير : الأثر (١٧١٣٢) بمعناه.