ونحمل عنكم خطاياكم ، إن كان عليكم فيه إثم ووزر ، فنحن نحمله عنكم (١). قال الفرّاء : (قوله تعالى : (وَلْنَحْمِلْ) لفظه لفظ الأمر ، ومعناه : الجزاء ؛ أي إن اتّبعتم سبيلنا حملنا خطاياكم) (٢). قوله : (وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) (١٢) ؛ فيما ضمنوا من حمل خطاياهم ، ولا يحفظون العذاب عنهم.
قوله : (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ ؛) معناه : أوزار مع أوزارهم ، وذلك أنّهم يعاقبون على كفرهم وعلى دعاء غيرهم إلى الكفر ، وهذا موافق لقوله صلىاللهعليهوسلم : [من سنّ سنّة سيّئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ، لا ينقص من أوزارهم شيء](٣).
ومعنى الآية : وليحملنّ أوزارهم التي حملوها ، وأوزارا مع أوزارهم لقولهم للمؤمنين : (اتَّبِعُوا سَبِيلَنا «وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ) وهم كاذبون فيما قالوا لهم ووعدوهم» (٤) ، وليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة.
وقوله : (وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ) (١٣) ؛ أراد به سؤال توبيخ لا سؤال استعلام ، يقال لهم : هل كان عندكم من الغيب شيء؟ ومن أين قلتم إنّكم تحملوا أوزار غيركم؟.
__________________
(١) نقله مقاتل في التفسير : ج ٢ ص ٥١٣. وفي معالم التنزيل : ص ٩٩٣ ؛ قال البغوي : (قاله مقاتل والكلبي ... وذكره).
(٢) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٣ ص ٣٣٠ ؛ قال القرطبي : (قال الفراء والزجّاج : هو أمر في تأويل الشرط والجزاء ؛ أي إن تتبعوا سبيلنا نحمل خطاياكم). وقاله النحاس في إعراب القرآن : ج ٣ ص ١٦٩. وينظر : معاني القرآن وإعرابه : ج ٤ ص ١٢٢ واللفظ له.
(٣) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ج ٢ ص ٣٢٨ ـ ٣٣٠ : الحديث (٢٣٧٢ ـ ٢٣٧٥) شطر حديث طويل عن جرير بن عبد الله البجلي من طريقين ، وإسناده صحيح. وأخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ٤ ص ٣٥٧ و٣٥٨ و٣٥٩. ومسلم في الصحيح : كتاب الزكاة : باب الحث عل الصدقة : الحديث (٧٠ / ١٠١٧).
(٤) على ما يبدو لي أن العبارة المقدرة ما بين «» سقطت من المخطوط ، وقابلناها على ما في جامع البيان : ج ٢٠ ص ١٦٤.