قوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً ؛) أي مكث بين أظهرهم يدعوهم إلى الإيمان ألف سنة إلّا خمسين عاما ، فلم يجبه إلى الإيمان منهم إلّا قليل ، (فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ) (١٤) ، فأهلك الله المكذّبين بالطّوفان وهو الغرق (وهم الظالمون) أي مشركون.
وفي الحديث : [أنّ نوحا عليهالسلام أرسل إليهم بعد ما أتى عليه مائتان وخمسون سنة ، وعاش بعد الطّوفان مائتين وخمسين سنة](١). وسمي الغرق طوفانا لأنّ الماء في ذلك اليوم طاف في جميع الأرض.
قوله : (فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ ؛) أي أنجينا نوحا من الغرق ومن كان معه من المؤمنين في السّفينة ، (وَجَعَلْناها آيَةً لِلْعالَمِينَ) (١٥) ؛ أي جعلنا السّفينة عبرة لمن بعدهم من الناس إن عصوا رسولهم فعلنا بهم مثل ذلك.
قوله : (وَإِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ ؛) انتصب (إِبْراهِيمَ) عطفا على نوح ، معناه : وأرسلنا إبراهيم أيضا ، (إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ) أي وحّدوا الله وأطيعوه واخشوه ، (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ ؛) أي عبادة الله خير لكم من عبادة الأوثان ، (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (١٦) ؛ ذلك.
قوله : (إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً ؛) أي أصناما تتّخذونها من الحجارة والخشب ، (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً ؛) أي وتخترعون على الله كذبا في قولكم : إنّها آلهة. ويجوز أن يكون معنى (وَتَخْلُقُونَ) أي تنحتون أصناما.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً) أي إنّ الذين تعبدون من الأصنام لا يقدرون أن يرزقوكم. قوله تعالى : (فَابْتَغُوا
__________________
(١) في الدر المنثور : ج ٦ ص ٤٥٦ ؛ قال السيوطي : (وأخرج ابن جرير عن عون عن أبي شداد رضي الله عنه قال : (إن الله أرسل نوحا عليهالسلام إلى قومه وهو ابن خمسين وثلاثمائة سنة ، فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما ، ثم عاش بعد ذلك خمسين وثلاثمائة سنة)). وأخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢١٠٩٧).