عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (١٧) ؛ أي اطلبوا الرّزق منّي ، فأنا القادر على ذلك ، (وَاعْبُدُوهُ) أي اعبدوا من يملك أرزاقكم ، (واشكروا من إليه ترجعون) في الآخرة فيجزيكم بأعمالكم.
قوله تعالى : (وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ؛) يعني كذبوا أنبياءهم كما كذبتم نبيّكم فأهلكهم الله تعالى ، (وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (١٨) ؛ أي ما عليه إلّا تبليغ الرسالة عن الله بلغة الّذين أرسلهم إليهم.
قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ؛) أي أو لم يعلم ويعتبر أهل مكّة كيف يبدئ الله الخلق في أرحام الأمّهات من النّطفة ثم من العلقة ثم من المضغة إلى تمام الخلق ، ثم يميته ثم يعيده بعد الموت للبعث خلقا جديدا. وقوله تعالى : (إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) (١٩) ؛ أي إنّ بدأ الخلق وإعادته هيّن على الله ، فإنه القادر على الاختراع من غير ابتداء على مثال ، قادر على الإعادة ، وكانوا يقرّون بأنّ الله هو الذي خلقهم.
قوله تعالى : (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ؛) أي سافروا في الأرض وابحثوا وانظروا هل تجدون خالقا غير الله ، واعتبروا كيف خلق الله من قبلكم ثم أهلكهم بعد ذلك.
وقوله تعالى : (ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ؛) أي ثم إنّ الله يبعث الخلق ثانية يوم القيامة ، (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٢٠) ؛ من الإحياء والإماتة قادر. قرأ ابن كثير وأبو عمرو والحسن : (النّشاءة) بالمدّ ، وقرأ الباقون : (النّشأة) بإسكان الشّين والقصر وهما لغتان (١).
قوله تعالى : (يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ ؛) أي يعذّب من يشاء من كان أهلا للتعذيب ، ويرحم من يشآء من كان أهلا للرحمة ، وقوله تعالى : (وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ) (٢١) ؛ أي تردّون في الآخرة.
__________________
(١) في الحجة للقراء السبعة : ج ٣ ص ٢٥٧ ، قال : (فقرأ ابن كثير وابن عمرو النشاءة ممدودة في كل القرآن ، وقرأ الباقون بالقصر).