لهم جبل ولا حديد ، وصنف منهم يفترش إحدى أذنيه ، ويلتحف بالأخرى ، لا يمرون بفيل ولا وحش ولا جمل ولا خنزير إلا أكلوه ، ومن مات منهم أكلوه ، مقدمتهم بالشام ، وساقتهم يشربون أنهار المشرق ، وبحيرة طبرية ... (١). وقال المفسرون استنادا إلى ما فى الصحيحين : إن يأجوج ومأجوج من سلالة آدم عليهالسلام ، وأن الله تعالى يقول : يا آدم .. فيقول : لبيك وسعديك ، فيقول : ابعث بعث النار ، فيقول : وما بعث النار؟ فيقول : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار ، وواحد إلى الجنة ، فحينئذ يشيب الصغير ، وتضع كل ذات حمل حملها ، فقال : إن فيكم أمتين ما كانتا شىء إلا كثرتاه : يأجوج ومأجوج.
* كيف بنى ذو القرنين السّد؟
لما بدا لذى القرنين أن يتجه إلى الشمال ، واتخذ لذلك طريقا حتى وصل إلى بلاد ما بين جبلين ، يقال إنها بين أرمينيا وأذربيجان ، ويسكن تلك البلاد أقوام لا تكاد تعرف لغتهم إلا بصعوبة ، وقد جاوروا يأجوج ومأجوج ـ قبائل من سكان سهول سيبيريا الشمالية ، وهم قوم مفسدون فى الأرض على جانب كبير من الفوضى والبدائية.
فلما رأى أصحاب السد ذا القرنين ، وما هو عليه من جاه وسلطان ، وما معه من جند وعتاد ، توسّلوا إليه ، وقالوا له : ياذا القرنين .. إن يأجوج ومأجوج قوم مفسدون فى الأرض ، ويسعون فيها بالفساد ، قوم كالوحوش أو أشد! .. فهل نجعل لك (جعلا) أى نفرض لك جزءا من أموالنا كضريبة وخراج (عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا) يحمينا من شر يأجوج ومأجوج؟ .. وهذا استدعاء منهم لقبول ما يبذلونه على جهة حسن الأدب. (٢)
__________________
(١) الدر المنثور ج ٥ ص ٢٥٠ ، ٢٥١
(٢) البحر ٦ / ١٦٤