الله تعالى فى حق مريم من ظهور الفواكه الشتوية فى الصيف ، والصيفية فى الشتاء ، وما ظهر على يدها حيث هزت النخلة ، وكانت يابسة فأثمرت ، وهى ليست بنبيّة ، ويدل أيضا ما ظهر على يد الخضر من خرق السفينة وقتل الغلام ، وإقامة الجدار (١).
* ويؤخذ من قصة موسى وصاحبه الخضر مجموعة من الحكم والعبر :
أولها : التواضع وعدم الاغترار بالنفس ـ خاصة فى مجال العلم ، لأن العلم هبة من الله ، يهبه لمن يشاء ، وفوق كل ذى علم عليم.
ثانيها : أن العلم يحتاج إلى الجهد والأسفار برا وبحرا من أجل الوصول إليه.
ثالثها : الإعداد للسفر من مأكل ومشرب ـ كما فعل موسى حين جهز حوتا ـ أى سمكة مشوية ، رغم إتكاله على الله.
رابعها : مشروعية أن يكون للمرء مولى يعينه ورفيق يساعده ويؤازره وقت الشدة وفى الأسفار.
بقى أن نقول : إن القرآن المجيد حين يستخدم القصة باختلاف أنواعها ، وفى المناسبات المتباينة ، والأغراض المتعددة ، فإنه يستخدمها وسيلة فى التوجيه والتربية ، وسبيلا إلى الوعظ والإرشاد.
لذلك يمكن القول : «إن القصة القرآنية سجل حافل لجميع التوجيهات الإلهية»
فإذا عرفنا أن القصة القرآنية ـ برغم قلة الألفاظ المستخدمة فى أدائها ـ حافلة بكل أنواع التعبير والعناصر الفنية .. من حوار .. إلى سرد .. إلى تنغيم إيقاعى .. إلى إحياء للشخوص .. إلى دقة فى رسم الملامح ، أدركنا مدى سحر هذا الإعجاز الفنى الناشىء عن القصة القرآنية.
__________________
(١) تفسير القرطبى ١١ / ٢٨