المقدّمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع وأهميته
نزل القرآن الكريم منجّما على حسب المناسبات ، وما تقتضيه الظروف والأحوال ، وكان الشأن إذا اقتضت الحالة أو دعت الحاجة إلى التعريف بأمر من الأمور المتعلقة بنبىّ من الأنبياء ، أو رسول من الرسل ، أو المتصلة بالعقيدة أو الشريعة ، أو الأخلاق الحميدة ، أن تنزل الآية أو الآيات التى تدعو إليها وتوضحها. ثم إذا تجددت الحاجة إلى التعريف بأحدهما بعد فترة من الزمان ، نزلت آية أخرى ، أو آيات كسابقتها فى الموضوع نفسه ، تزيده وضوحا ، أو تتمه ، أو تنسخه ، أو غير ذلك حسب حاجة الناس ، وملابسات الدواعى والأغراض.
وفيما يتصل بالقصص ـ نجد أن القرآن العظيم يقص علينا أنباء الغيب ، التى جرت بين رسل الله وأممهم ، وما حصل بينهم من طاعة أو عصيان. وكيف كانت عاقبة المكذّبين ، مصححا ما نقله التاريخ خطأ ، أو زاد فيه على الحاصل ، فى دقة متناهية ، وتفصيل معجز. كما يقص علينا أيضا من أحوال الماضين ما فيه عبرة للحاضرين ومن بعدهم ، وهو فى كل هذا يشير إلى موضع العبرة من سوق القصة ، كاشفا وجه الحكمة فى الإخبار بها ، من البشارة أو النذارة ، أو التدليل على صدق القرآن ومنزّله جلّ ذكره ، وصدق الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وأنه آية على نبوّته ، وإرساله من قبل الحق جل وعلا.
ولعل ذلك من الأسباب التى من أجلها تكررت قصص الأنبياء فى القرآن. فذكرت قصة نوح عدة مرات ، بالإطناب أحيانا ، وبالإيجاز أحيانا ،