الفصل الحادى عشر
نبى الله داود .. وقضية الإبتلاء
اختار الله ـ سبحانه وتعالى ـ داود ـ عليه الصلاة والسلام ، ليكون نبيا مرسلا ، وملكا قويا عزيزا ، وسبب له الأسباب ، ويسّر له السبل ، وأعده لكى يضطلع بالدور الكبير ، الذى رسمه له وأراده ربّ العزّة.
قال محمد بن إسحاق ، عن وهب بن منبه :
«لما قتل داود جالوت ، وكان قتله له ـ فيما ذكر ابن عساكر ـ عند قصر أم حكيم ، بقرب مرج الصفر ، فأحبته بنو إسرائيل ، ومالوا إليه ، وإلى ملكه عليهم ، فكان من أمر طالوت ما كان ، وصار الملك إلى داود ـ عليهالسلام ، وجمع الله له بين الملك والنبوة ، بين خير الدنيا والآخرة ، وكان الملك فى سبط ، والنبوة فى آخر ، فاجتمعا فى داود هذا» (١)
وهذا كما قال تعالى : (وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ ، وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ ، وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ ، وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ) [البقرة : ٢٥١] ـ أى لو لا إقامة الملوك حكاما على الناس ، لأكل قوى النّاس ضعيفهم ، ولهذا جاء فى بعض الآثار : «السلطان ظلّ الله على أرضه».
وقد وضّح ابن جرير ـ فى تاريخه ـ هذا الحادث ، فذكر أن جالوت لما بارز طالوت ، فقال له أخرج إلىّ ، وأخرج إليك ، فندب طالوت الناس ،
__________________
(١) ابن كثير ، قصص الأنبياء ٤٨٨ ط. بيروت.