فقالوا مرة : إنه (الله) (١) ، وقالوا فى أخرى (ابن الله) ، وقالوا ثالثة بعقيدة التثليث (الأب ، والابن ، والروح القدس) (٢). ولقد كفّرهم القرآن بزعمهم ، وحرم عليهم الجنة.
فقال عز من قائل : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ .. قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً.) [المائدة : ١٧]
إن القرآن الكريم يبطل تلك العقيدة الوثنية .. فيقول الحق سبحانه : يا أيها الرسول .. قل لهؤلاء الذين تجرءوا على مقام الألوهية : من يملك من الله شيئا إذا أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه؟ من يمنع الله إذا أراد أن يميت المسيح وأمه ، لا أحد يقدر على هذا ، فالله لا رادّ لقضائه ، ولا معقب لحكمه ، بل لا يستطيع أحد أن يشفع عنده إلا بإذنه وأمره ، وها هو ذا المسيح وأمه ، قد حصل لهما ما حصل لبقية الخلق ، فهل منعا عن أنفسهما شيئا.
وإذا كان المسيح لم يستطع أن يدفع شيئا عن نفسه ، ولا عن أمه ، ولم يستطع أحد أن يدفع عن المسيح شيئا ، فهل يكون هو الله ، الذى بيده ملكوت كل شىء؟ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
__________________
(١) المسيحيون المعاصرون ـ خصوصا الكاثوليك والأرثوزكس ، لا يعدّون الموحّد مسيحيا ، ويقولون بألوهية المسيح ، وأن الله هو المسيح عيسى ابن مريم ، وأساس هذه العقيدة عبارة وردت فى انجيل لوقا (فى البدء كانت الكلمة ، والكلمة كانت عند الله ، والله هو الكلمة) وقد أطلقوا لفظ الكلمة على المسيح ، فصار معنى الفقرة : الله هو المسيح ـ كما وصفهم القرآن الكريم.
(٢) ذكر الدكتور بوست فى تاريخ الكتاب المقدس : (طبيعة الله ثلاثة أقانيم متساوية الجوهر ، الله الأب ، والله الإبن ، والله روح القدس ، فإلى الأب الخلق ، وإلى الإبن الفداء ، وإلى روح القدس التطهير ، غير أن الثلاثة أقانيم تتقاسم جميع الأعمال على السواء)