التفسير الموضوعى بين الماضى والحاضر
نزل القرآن الكريم على قلب النبى الأمّى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ولم يكد يقرع آذان القوم حتى وصل إلى قلوبهم ، وتملك عليهم حسّهم ومشاعرهم ـ ولم يعرض عنه إلا نفر قليل ، إذ كانت على القلوب منهم أقفالها ، ثم لم يلبث أن دخل الناس فى دين الله أفواجا ، ورفع الإسلام رايته خفاقة فوق ربوع مكة ، وأقام المسلمون صرح الحق ، مشيّدا على أنقاض الباطل.
سعد المسلمون بهذا الكتاب الكريم ، الذى جعل الله فيه الهدى والنور ، ومنه طب الإنسانية ، وشفاء ما فى الصدور ، وأيقنوا بصدق الله ، حيث يصف القرآن ، فيقول :
(إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) [الإسراء : ٩]
وبصدق رسول الله ، حيث يصف القرآن ، فيقول :
«فيه نبأ من كان قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم ، هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى فى غيره أضله الله ، وهو حبل الله المتين ، ونوره المبين ، وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، هو الذى لا تزيغ به الأهواء ، ولا تلتبس به الألسنة ، ولا تشبع منه العلماء ، ولا يخلق على كثرة الرد ، ولا تنقضى عجائبه ، وهو الذى لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا : (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ) من قال به صدق ، ومن عمل به أجر ، ومن حكم به عدل ، ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم (١)».
__________________
(١) أخرجه الترمذى ج ٢ / ١٤٩