٢ ـ إنه يكثر من الشواهد القرآنية في تفسير الكلمات الغريبة ، وهو ما يسمّى تفسير القرآن بالقرآن ، أو التفسير بالمأثور ، وهذا المنهج في التفسير هو أول ما يلجأ إليه المفسّر ، فإن لم يجد تفسيره في القرآن بحث عنه في السنّة ، فإن لم يجده فيها لجأ لأقوال الصحابة والتابعين ، فإن لم يجده فيها لجأ لأقوال العرب وشعرهم ؛ ومن الأمثلة على الشواهد القرآنية في الكتاب قوله : (الرقيم) [الكهف : ٩] لوح كتب فيه خبر أصحاب الكهف ، ونصب على باب الكهف ، والرقيم الكتاب ، وهو «فعيل» بمعنى مفعول ، ومنه : (كتاب مرقوم) [المطففين : ٢٠] أي مكتوب.
٣ ـ إنه يهتم بإيراد القراءات القرآنية ؛ ويبين أوجه اختلاف المعاني باختلافها ، والقراءات كانت عمدة عند المفسّرين ؛ لأن بعضها يعيّن معنى البعض الآخر ، ومن الشواهد على ذلك قوله تعالى : (ورئيا) [مريم : ٧٤] بهمزة ساكنة قبل الياء ، ما رأيت عليه من شارة وهيئة و (ريّا) بغير همز يجوز أن يكون على المعنى الأول ، ويجوز أن يكون على الريّ ، أي منظرهم مرتو من النعمة ، و (زيّا) ـ بالزاي ـ يعني هيئة ومنظرا ، وقد قرئت بهذه الأوجه الثلاثة.
٤ ـ إنه يستشهد بالحديث الشريف في تفسير بعض كلمات وآيات القرآن ، وهو منهج التفسير بالمأثور كما رأينا ، ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى : (أمّة) [النحل : ١٢٠] رجل منفرد بدين لا يشركه فيه أحد ، قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «يبعث زيد بن عمرو بن نفيل أمّة وحده». وقوله تعالى : (يطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة) [آل عمران : ١٨٠] قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «يأتي كنز أحدكم شجاعا أقرع له زبيبتان فيتطوّق في حلقه ويقول : أنا الزكاة التي منعتني ، ثم ينهشه».
٥ ـ إنه يلجأ لأقوال الصحابة إن لم يجد التفسير في القرآن ولا في الحديث ؛ لأن أقوال الصحابة لها حكم الحديث المرفوع عند بعض العلماء ، وجعلها الحاكم النيسابوري (ت ٤٠٥ ه / ١٠١٤ م) حجّة في التفسير نظرا لما امتاز به الصحابة من معاصرة النبي صلىاللهعليهوسلم ، ومشاهدة نزول الوحي ومعرفة أسباب نزول الآي ، وتعلّمهم المباشر من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فكان فهمهم للقرآن أكثر من غيرهم. ومن الأمثلة على أقوالهم في الكتاب : قول ابن عباس في قوله تعالى : (كهيعص) [مريم : ١] إن «الكاف» من كاف ، و «الهاء» من هاد ، و «الياء» من حكيم ، و «العين» من عليم ، و «الصاد» من صادق.