ولمّا تكلّم على قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ) [البقرة : ٧٨] بيّن معنى الأمّيّ فقال : «والأمّيّ : الذي لا يعرف الكتابة ، وهو منسوب إلى الأمّ ، والأمّ هو الأصل ، قال الله تعالى : (وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) [الرعد : ٣٩] ، وإنّما نسب إلى الأصل لأنّه باق على أصل الفطرة» (١).
وتحدّث عن معنى المحق حين كلامه على قوله تعالى : (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا) [البقرة : ٢٧٦] فقال : «المحق : النّقص ، يعني : ذهاب البركة ، ومنه محاق القمر» (٢).
وثمّة أمر يستحقّ الإشارة إليه في هذا الموضع وهو أنّ المؤلّف كثيرا ما كان يفسّر اللّفظ بضدّه أو نقيضه ، ومن ذلك قوله : «والرّحمة منك إرادتك الخير بمن هو دونك في الرّتبة متّصلة بإنعامك عليه ، وضدّه الفظاظة والجفاوة» (٣) ، وقوله : «ونقيض الإيمان : الإنكار ، ونقيض الغيب : الشهادة» (٤) ، وقوله : «و (الطّوع) : قريب من الرّضا ، وهو ضدّ الكره» (٥) ، وقوله : «و (المبارك) : الذي بورك فيه أو عليه ، وضدّه المشؤوم» (٦) ، وقوله : «الميل : الجور ، وهو نقيض الاستقامة» (٧) ، وقوله : «و (العمارة) : ضدّ التّخريب» (٨) ، «و (الغلظة) : ضدّ الرّقّة» (٩) ، «والحرّ : ضدّ البرد» (١٠) ، «والبكاء ضدّ الضّحك» (١١).
٤ ـ لم يخل الكتاب من العناية بلغات الألفاظ أيضا ، وضبطها ، وربّما عزاها إلى القبائل التي تنطق بها. ففي نهاية سورة الفاتحة تحدّث عن (آمين) فقال : «فيه لغتان : المدّ والقصر ، كلاهما بالتّخفيف» (١٢).
وفي أثناء حديثه عن (المرء) في قوله تعالى : (ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) [البقرة : ١٠٢] قال : «ومرء وامرؤ لغتان ، وفي التأنيث : مرأة وامرأة» (١٣).
وعند كلامه على (السّلم) في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ
__________________
(١) درج الدرر ٩١.
(٢) درج الدرر ٢٨١.
(٣) درج الدرر ٢.
(٤) درج الدرر ٧.
(٥) درج الدرر ٣٢٦.
(٦) درج الدرر ٣٣٠.
(٧) درج الدرر ٤٠٠.
(٨) درج الدرر ٦٧٩.
(٩) درج الدرر ٧٠٩.
(١٠) درج الدرر ٧١٤.
(١١) درج الدرر ٧١٥.
(١٢) درج الدرر ٥.
(١٣) درج الدرر ١٢٠.