بالمساحة على ثلاثين درجة ، وهي ستّون دقيقة لا تفاوت بينها ، وفي المشاهدة على كواكب من منازل القمر بينها تفاوت ، ثم هذه السماء محدقة بالنار والريح والأرض إحداق قشر البيضة بما فيها ، تدور على قطبين : قطب معلوم شماليّ ، وقطب موهوم جنوبي عند بعض الناس ، وهي معلّقة بالقطب الشماليّ من فوق الأرض ، كهيئة الكلية لا قطب لها من ناحية الجنوب عند بعض ، وهي مختصة ببروج غير (١) هذه البروج الاثني (٢) عشر الفلكية عند بعض. فمن تلك البروج الضراح ، وهو بيت المعمور ، وسائر البروج مساجد الملائكة ومقاماتهم ، ومقامات الأنبياء والصديقين والشهداء.
(وَزَيَّنَّاها) : حسّنّاها بصفاء لونها ، وبالشّمس والقمر والكواكب.
١٧ ـ (وَحَفِظْناها) : بالكواكب المنقضّة ، التي هي رجوم للشياطين. قيل : لم تزل السماء محفوظة محروسة بهذه الكواكب المنقضة. (٣)
عن ابن عباس : أنّ رجالا من الأنصار أخبروه : أنّه بينما هم جلوس مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليلة من اللّيالي رمي بنجم ، فاستنار ، فقال لهم رسول الله : ما كنتم تقولون في الجاهلية إذا رمي بمثل هذا؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، كنّا (٤) نقول : مات اللّيلة عظيم ، وولد اللّيلة عظيم ، قال عليهالسلام : «إنه لا يرمى لموت أحد ، ولا لحياته (٥) ، ولكن ربنا تبارك وتعالى إذا قضى أمرا سبّح حملة العرش ، ثم سبّح أهل السماء الذين يلونهم ، ثم سبّح أهل السماء الذين يلونهم ، حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء الدنيا ، ثم يسأل أهل السماء السابعة حملة العرش : ماذا قال ربكم؟ فيخبرونهم ، ثم يسأل أهل السماء السادسة أهل السماء السابعة ، وكذلك ينتهي الخبر إلى السماء الدنيا ، فيحفظه الجنّي ليقذفه إلى صاحبه ، ويرمي به ، فما جاؤوا به على وجهه ، فهو الحقّ ، ولكنّهم يوفّون (٦) فيه ويزيدون». (٧) وعن نافع بن جبير (٨) ، ومحمد بن كعب : أمسكت في أيام الفترة ، فلما بعث نبيّنا
__________________
(١) ع : بروج ، وغير ساقطة منها.
(٢) الأصل وك : الاثنا عشر ، وما أثبت هو الصحيح ؛ لأنها بدل من البروج.
(٣) ينظر :
(٤) ع : قال : كنا ، أ : كما.
(٥) ع : لحياة.
(٦) في كتب التخريج : يقرفون ، والقراف : الخلاط ، ويقرفون يخلطون فيه الكذب ، وهو بمعنى يقذفون. ينظر : الفائق ٣ / ١٨٥ ، وشرح صحيح مسلم ١٤ / ٤٤٥ ،
(٧) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ١ / ٢١٨ ، ومسلم (٢٢٢٩) ، وكتاب العرش ١ / ٦١ (٢١) ، وأطراف الغرائب والأفراد ٣ / ٢١٢ (٢٤٥٥).
(٨) أبو محمد نافع بن جبير بن مطعم القرشي النوفلي ، تابعي ، توفي في ولاية سليمان بن عبد الملك. ينظر : مشاهير علماء الأمصار ٧٨ ، وسير أعلام النبلاء ٤ / ٥٤١.