٧ ـ يستشهد بأكثر من آية مؤيّدا قولا ذهب إليه : ففي قوله تعالى : (وَأَوْحَيْنا) [يوسف : ١٥] ، فيقول عن الواو : إنّها مقحمة ، فيؤكّد ذلك بأنّها كما في قوله تعالى : (وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) [الزمر : ٧٣] ، وقوله تعالى : (فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) (١٠٣) [الصافات : ١٠٣]. (١)
٨ ـ يستشهد بالآية ليرجّح رأيا على آخر : يقول عن (ما) في (إِنَّما) في قول الله تعالى : (وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [آل عمران : ١٨٥] ، إنّ (ما) هنا كافّة ، إذ لو كانت بمعنى (الذي) لكان (أُجُورَكُمْ) بالرفع ، ولكان قوله : (يَوْمَ الْقِيامَةِ) من الصلة ، والصلة لا تنفك عن الموصول ، كقوله تعالى : (إِنَّما تُنْذِرُ) [يس : ١١] ، (إِنَّما يَخْشَى اللهَ) [فاطر : ٢٨] ، (إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ) [النّحل : ٩٢]. (٢)
المطلب الثاني
تفسير القرآن بالسنة
تأتي هذه المرحلة بعد المرحلة الأولى التي هي تفسير القرآن بالقرآن ، والسنّة هي المصدر الثاني من مصادر التشريع ، وهي موضّحة للقرآن الكريم.
يقول ابن تيمية رحمهالله تعالى : «فإن أعياك ذلك فعليك بالسنّة ، فإنّها شارحة وموضّحة له ، بل قد قال الإمام محمد بن إدريس الشافعيّ : (كلّ ما حكم به رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فهو ممّا فهمه من القرآن). قال الله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً (١٠٥)) [النساء : ١٠٥] ، وقال تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) [النحل : ٤٤] ، وقال تعالى : (وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٦٤)) [النحل : ٦٤] ، ولهذا قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ألا إنّي أوتيت القرآن ومثله معه». (٣)
والغرض : أنّك تطلب تفسير القرآن منه ، فإن لم تجده فمن السنّة». (٤)
وعلى المفسّر أن يكون حذرا في اعتماده على أحاديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وذلك أن يأخذ بالصحيح الثابت منها ، ويترك الضعيفة والموضوعة ، فينزّه تفسيره عنها.
ومؤلف درج الدرر رحمهالله تعالى اعتمد اعتمادا كبيرا على السنّة النبويّة المطهّرة ليفسّر بها القرآن الكريم ، وبأوجه مختلفة ومتنوّعة ، موليا اهتمامه لهذا النوع من التفسير ، لكنّه لم ينقّح الأحاديث التي أوردها في هذا التفسير ، فنجده يروي الأحاديث الصحيحة الثابتة ، والأحاديث
__________________
(١) درج الدرر ٤١.
(٢) الأصل (٧٩ و).
(٣) جزء من حديث أخرجه أحمد (١٧١٧٣) ، وأبو داود (٤٦٠٤) ، البيهقي في الدلائل ٦ / ٥٤٩.
(٤) مقدمة في أصول التفسير ٤٥.