أبدا ؛ لأنّه خبر مبتدأ محذوف ، والاسم الأوّل ههنا : (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ) والثاني :
(أَنْ يَكْفُرُوا)، وهذا قول البصريّين. وعند الكوفيّين هما حرفان يشبهان الفعل ، وفيهما معنى الصّفة ، والدليل على كونهما حرفين لزومهما صورة واحدة في التذكير والتأنيث والجمع والخطاب والحكاية عن النفس والغائب ، ولأنّهما لو كانا فعلين لدخلهما (قد) ، والدليل على أنّهما يشبهان الأفعال جواز قولك : بئس وبئست ، ونعم ونعمت ، والدليل على أنّ فيهما معنى الصفة استقلال قولك : بئس الرجل زيد ، ونعم الرجل عمرو ، وأيّ مذموم زيد ومحمود عمرو ، وعلى هذا (ما اشتروا به أنفسهم) ههنا اسم ، و (الكفر) مشترى به ، و (الأنفس) مشترى لها فانتصب بنزع الخافض» (١). في هذا انتصار للمذهب الكوفي.
ه ـ استعماله لمصطلحات الكوفيين خلال إعرابه لكثير من الكلمات والأمثلة عليها كثيرة ، منها : ما جاء في تفسيره قول الله تعالى : (لَكُمْ آيَةً) [هود : ٦٤] ، إذ يستعمل مصطلح «نصب على القطع» (٢). وكذلك استعماله لمصطلح (العماد) ، مثاله : عند تفسيره قول الله تعالى : (إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَ) [الكهف : ٣٩] ، إذ يقول : «(أنا) : عماد» (٣). وكذلك استعماله لمصطلحات أخرى مثل : التفسير (٤) ، والنعت (٥) ، والنسق (٦) ، والجحد (٧) ، والكناية (٨).
و ـ اهتم في بعض الأماكن بتعريف أدوات الاستفهام ، ومن الأمثلة عليها : في تفسيره قول الله تعالى : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ (١١٥)) [البقرة : ١١٥] يقول : «(أين) استفهام عن المكان ، فإذا اتصلت ب (ما) صارت للشرط ، وعمت الأماكن عموم (أيّ) ، قال الله تعالى : (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ) [النساء : ٧٨] ، (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) [البقرة : ١٤٨]». (٩) وفي تفسيره قول الله تعالى : (قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ) [البقرة : ٩١] يقول : «و (لم) أداة لطلب الحجّة ، وهو في الأصل (لماذا) ، وتقديره : لأجل أيّ شيء ذلك الفعل وذلك القول ، ونظيره في الاختصار : (عمّ) و (ممّ)». (١٠)
__________________
(١) الأصل (٢٢ و ـ ٢٢ ظ).
(٢) درج الدرر ١٩.
(٣) درج الدرر ١٩٩.
(٤) درج الدرر ١٨٦.
(٥) درج الدرر ٢٢٠.
(٦) الأصل (٢٨ و) ،
(٧) درج الدرر ١٦٧.
(٨) درج الدرر ٢٩٣.
(٩) الأصل (٣٠ و).
(١٠) الأصل (٢٢ و).