ظلمات بعضها فوق بعض ، ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور إذا أخرج يده لم يكد يراها» (١).
ج ـ أسلوب الحذف :
وهو نوع من أنواع الإيجاز ، فالحذف إسقاط كلمة للاجتزاء عنها بدلالة غيرها من الحال أو فحوى الكلام ، والفائدة منه أنه تذهب فيه النفس كل مذهب.
ومثال ذلك : ما جاء في تفسير قول الله تعالى : (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) [آل عمران : ١٣٣] إذ يقول : «أي : كعرض السماوات ، وإنما حذف لعدم الإيهام». (٢)
وكذلك في قوله تعالى : (يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ) [آل عمران : ١٧٥] فيقول : «وقيل : يخوف بأوليائه». (٣) فحذف حرف الجر.
وفي قول الله تعالى : (أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ) [الرعد : ٣٣] يقول : «حذف جوابه اكتفاء ؛ لأنه يدل على الخبر بصفته ، تقديره : أفمن هذه صفته كمن ليست هذه صفته ، أو : أفمن صفته خير أحقّ بأن يعبد أم من ليست هذه صفته» (٤).
وفي قوله تعالى : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [النور : ٣٥] ، يقول : «وقيل : الله جاعل نور السماوات والأرض ، حذف المضاف ، وأقام المضاف إليه مقامه» (٥).
د ـ معاني الأمر :
تعريف الأمر : هو طلب الفعل على جهة الاستعلاء. (٦)
وقد استطاع المؤلف أن ينظر إلى صيغة الأمر في القرآن الكريم ، ويحدد مطلوبها وفق سياقها مبرزا أهم معانيها التي تدل عليها ، ويقول المؤلف رحمهالله تعالى : وظاهر الأمر يقتضي الوجوب ، ولكن يمكن أن يخرج الأمر إلى غير الوجوب ، «ولفظ (افعل) يحتمل عشرة معان : (٧)
١ ـ الإيجاب ، كقوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) [البقرة : ٤٣].
٢ ـ الإرشاد ، كقوله تعالى : (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ) [البقرة : ٢٨٢].
٣ ـ الإباحة ، كقوله تعالى : (فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ) [الجمعة : ١٠]. وفي قوله : (فَكُلُوا مِنْها) [الحج : ٣٦] ، يقول : «أمر إباحة ، وهو عام في كل بدنة ...».
٤ ـ الإعجاز ، كقوله تعالى : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) [البقرة : ٢٣].
__________________
(١) درج الدرر ٣٤٧.
(٢) الأصل (٧٤ و).
(٣) الأصل (٧٨ ظ).
(٤) درج الدرر ٨٣.
(٥) درج الدرر ٣٤٤.
(٦) البلاغة فنونها وأفنانها ـ علم المعاني : ١٤٩.
(٧) الأصل (١٠ و).