وقال ابن عمر : جبال السماء أكثر من جبال الأرض ، ثم تلا الآية.
بعد هذه الأقاويل يحتمل أربعة أوجه : أحدها : أراد بالجبال السحاب ، فإنّها تشبه الجبال ، والثاني : أراد الرياح الشديدة التي اعتمد بعض أجزائها على بعض ، وتلوّنت بالغبار (١) ، والثالث : أراد نفس البرد ، أي : وينزّل من السحاب جبالا من برد ، والرابع : أراد الشواهق التي كانت رؤوسها في السماء لشدة ارتفاعها ، وطول سمكها ، وهذه الشواهق قلّ ما تخلو من الثلج والسحاب.
٤٥ ـ والذي يعوم في الماء داخل في جملة من يمشي على بطنه ، والطير داخلة في جملة من يمشي على رجلين ، والذي يزحف على أرجل كثيرة داخل في جملة من يمشي على أربع ، وإنّما قيل : من ومنهم لتغليب العقلاء.
٤٦ ـ (لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ) : وجه تكراره حسن ردّ الكلام على صدره ، فإنّ الفضل كان فضلا واحدا (٢) في بيان المحسوسات والمعقولات والموهومات على مقدار الحاجة في تعمية بعضها على بعض على سبيل الابتلاء.
٤٧ ـ (وَيَقُولُونَ آمَنَّا) : فصل مبتدأ ، واتصالها من حيث اعتبار الأئمة أهل الإفك ، فإنّهم كانوا جماعة من المنافقين والفاسقين ، فكذلك (٢٣٨ و) هذا الفصل في جماعة المنافقين.
وعن ابن عباس قال : لّما قدم رسول الله المدينة ، سأل الأنصار بور أرضهم التي لا تزرع للمهاجرين ، قال : فدفعوها إليه ، وقالوا : هي لك يا رسول الله ، فاصنع بها ما شئت ، قال : فجعل يقسّمها بين المهاجرين ، فجعل يعطي الرجل الأرض ، ويعطي الرجلين يعتملانها ويزرعانها ، ويقومان عليها ، فأعطى (٣) عثمان بن عفان وعليّ بن أبي طالب أرضا بينهما ، فاقتسماها بينهما ، فوقع نصيب عثمان في عمارتها وجيّد أرضها ، ووقع لعليّ في مكان منها لا يصيبه الماء إلا بمشقّة ونفقة وعلاج ، لا يكاد ينالها الماء ، فقال عثمان لعليّ : بعني أرضك ، فباعها إيّاه ، فقبض الثمن ، وسلّم الأرض ، قال : فندّم عثمان قومه ، وقالوا : أيّ (٤) شيء صنعت؟ عمدت إلى أرض سبخة لا ينالها الماء فاشتريتها ، ردّها (٥) عليه ، فلم يزالوا به حتى أتاه فقال : اقبض منّي أرضك ، فإنّي قد اشتريتها ، فلم أرضها على أرض لا ينالها الماء ، فقال عليّ : بل اشتريتها ، ورضيتها ، وقبضتها منّي (٦) ، وأنت تعرفها ،
__________________
(١) (التي اعتمد بعض أجزائها على بعض ، وتلونت بالغبار) ، ساقطة من ع.
(٢) ساقطة من ك ، وفي أ : ولهذا.
(٣) أ : وأعطى.
(٤) ع : لأي.
(٥) أ : رد.
(٦) ساقطة من ع.